فعموم الروايات عنه (١) تفيد جواز الصلاة خلف المبتدع ما لم يكن داعية إلى بدعته أو مخاصما فيها.
قال الخرقى : ومن صلى خلف من يعلن ببدعته أعاد.
قال ابن قدامة فى الشرح : الإعلان : الإظهار ، وهو ضد الإسرار ، وظاهر هذا : أن من ائتم بمن يظهر بدعته ويتكلم بها ، ويدعو إليها ، أو يناظر عليها فعليه الإعادة ، ومن لم يظهر بدعته ، فلا إعادة على المؤتم به ، وإن كان معتقدا لها.
قال الأثرم : قلت لأبى عبد الله : الرافضة الذين يتكلمون بما تعرف فقال : نعم أمره أن يعيد. قيل لأبى عبد الله : وهكذا أهل البدع كلهم؟ قال : لا إن منهم من يسكت ، ومنهم من يقف ، ولا يتكلم. وقال : لا تصل خلف أحد من أهل الأهواء ، إذا كان داعية إلى هواه وقال : لا تصل خلف المرجئ إذا كان داعية ، وتخصيصه الداعية ومن يتكلم بالإعادة دون من يقف ، ولا يتكلم يدل على ما قلناه.
وقال القاضى : المعلن بالبدعة من يعتقدها بدليل ، وغير المعلن من يعتقدها تقليدا.
قال ابن قدامة : إن حقيقة الإعلان هو الإظهار ، وهو ضد الإخفاء والإسرار قال الله تعالى : (وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ).
وقال تعالى مخبرا عن إبراهيم : (رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) ولأن المظهر لبدعته لا عذر للمصلى خلفه لظهور حاله ، والمخفى لها من يصلى خلفه معذور ، وهذا له أثر فى صحة الصلاة ولهذا لم تجب الإعادة خلف المحدث والنجس إذا لم يعلم حالهما لخفاء ذلك منهما ووجبت على المصلى خلف الكافر والأمى لظهور حالهما غالبا.
__________________
(١) سواء ما ذكرناه عنه هنا فى حكم المبتدعة أو ما تقدم عنه فى الكلام عن الرافضة والمرجئة والمعتزلة والجهمية.