ما أثر عن الإمام أحمد فى ضابط الكبيرة
قال القاضى أبو يعلى بن الفراء :
وقد حد أحمد رحمهالله الكبائر : بما يوجب حدا فى الدنيا ووعيدا فى الآخرة.
٩٨٧ ـ فقال فى رواية جعفر بن محمد (١) : سمعت سفيان بن عيينة يقول فى قوله تعالى : (إِلَّا اللَّمَمَ) (٢) قال : ما بين حدود الدنيا والآخرة. قال أبو عبد الله : حدود الدنيا مثل السرقة والزنا ، وعد أشياء ، وحد الآخرة : ما يحد فى الآخرة ، واللمم : الّذي بينهما (٣) (٤).
__________________
(١) أكثر من واحد بهذا الاسم رووا عن أحمد بن حنبل. راجع طبقات الحنابلة.
(٢) سورة النجم / ٣٢.
(٣) العدة فى أصول الفقه ٣ / ٩٤٦. انظر ما قيل فى اللمم فى : تفسير الطبرى ٢٧ / ٦٤ وابن كثير ٤ / ٢٧٣ والشوكانى ٥ / ١١٣.
(٤) ما ذكره القاضى أبو يعلى عن الإمام أحمد هو القول الراجح فى تعريف الكبيرة وقد لخص شارح الطحاوية الأقوال فى هذه المسألة إذ يقول : واختلف العلماء فى الكبائر على أقوال : فقيل : ما اتفقت الشرائع على تحريمه ، وقيل : ما يسد باب المعرفة بالله ، وقيل : ذهاب الأموال والأبدان ، وقيل : سميت كبائر بالنسبة والإضافة إلى ما دونها ... وقيل : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة ، وقيل : إنها ما يترتب عليها حد أو توعد عليها بالنار أو اللعنة أو الغضب. وهذا أمثل الأقوال.
واختلفت عبارات السلف فى تعريف الصغائر : منهم من قال : الصغيرة ما دون الحدين : حد الدنيا وحد الآخرة ، ومنهم من قال : الصغيرة ما ليس فيها حد فى الدنيا ولا وعيد فى الآخرة ، والمراد بالوعيد : الوعيد الخاص بالنار أو اللعنة أو الغضب ، فإن الوعيد الخاص فى الآخرة كالعقوبة الخاصة فى الدنيا أعنى المقدرة ، فالتعزير فى الدنيا نظير الوعيد بغير النار أو اللعنة أو الغضب وهذا الضابط يسلم من القوادح الواردة على غيره ، فإنه يدخل فيه كل ما ثبت بالنص أنه كبيرة ، كالشرك والقتل والزنا والسحر ... وأمثال ذلك. اه ثم ذكر بعض الأوجه التى لأجلها يترجح هذا القول. شرح العقيدة الطحاوية ص : ٤١٧ ـ ٤١٨ وانظر فتح البارى ١٢ / ١٨٣ والإنصاف للمرداوى ٢ / ٤٦.