من بين الطاعة كلها فقرنها مع الصبر بقوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (١) فكذلك أمر الله تعالى بنى إسرائيل بالاستعانة بالصبر والصلاة على جميع الطاعة. ثم أفرد الصلاة من بين الطاعة فقال : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) (٢). ومثل ذلك ما أخبر الله عزوجل به من حكمه ووصيته خليله إبراهيم ولوطا وإسحاق ويعقوب فقال : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) إلى قوله : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً) إلى قوله (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) إلى قوله : (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ) (٣).
فذكر الخيرات كلها جملة ، وهى جميع الطاعات واجتناب جميع المعصية ، وأفرد الصلاة بالذكر وأوصاهم بها خاصة. ومثل ذلك ما ذكر عن إسماعيل فى قوله : (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) (٤) فبدأ بالصلاة. ومثل ذلك عن نجيه موسى عليهالسلام (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) إلى قوله : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (٥). فأجمل الطاعة واجتناب المعصية فى قوله لموسى : (فَاعْبُدْنِي) وأفرد الصلاة وأمر بها خاصة وقال عزوجل : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ) (٦) والتمسك بالكتاب يأتى على جميع الطاعة واجتناب المعصية ، ثم خص الصلاة بالذكر فقال: (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) وإلى تضييع الصلاة نسب الله عزوجل من أوجب له العذاب قبل المعاصى فقال : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) (٧) فمن اتباع الشهوات ركوب جميع المعاصى ،
__________________
(١) سورة البقرة / ١٥٣.
(٢) سورة البقرة / ٤٥.
(٣) انظر : سورة الأنبياء من الآية : ٦٩ ـ ٧٣.
(٤) سورة مريم / ٥٥.
(٥) انظر : سورة طه من الآية : ٩ ـ ١٤.
(٦) سورة الأعراف / ١٧٠.
(٧) سورة مريم / ٥٩.