فنسبهم الله عزوجل إلى جميع المعصية فى تضييع الصلاة.
فهذا ما أخبر الله تعالى به من آي القرآن ، من تعظيم الصلاة ، وتقديمها بين يدى الأعمال كلها ، وإفرادها بالذكر من بين جميع الطاعات والوصية بها دون أعمال البر عامة. فالصلاة خطرها عظيم وأمرها جسيم.
وبالصلاة أمر الله تبارك وتعالى رسوله ، أول ما أوحى إليه بالنبوة ، قبل كل عمل ، وقبل كل فريضة. وبالصلاة : أوصى النبي صلىاللهعليهوسلم عند خروجه من الدنيا فقال : «الله الله فى الصلاة وفيما ملكت أيمانكم» (١) فى آخر وصيته إياهم وجاء الحديث : «أنها آخر وصية كل نبى لأمته وآخر عهده إليهم عند خروجه من الدنيا». وجاء فى حديث آخر عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «أنه كان يجود بنفسه ويقول : الصلاة ، الصلاة ، الصلاة». فالصلاة أول فريضة فرضت عليهم ، وهى آخر ما أوصى به أمته. وآخر ما يذهب من الإسلام. وهى أول ما يسأل عنه العبد من عمله يوم القيامة وهى عمود الإسلام. وليس بعد ذهابها دين ، ولا إسلام ، فالله الله فى أموركم عامة ، وفى صلاتكم خاصة ، فتمسكوا بها واحذروا تضييعها والاستخفاف بها ومسابقة الإمام فيها ، وخداع الشيطان أحدكم عنها ، وإخراجه إياكم منها فإنها آخر دينكم ، ومن ذهب آخر دينه فقد ذهب دينه كله فتمسكوا بآخر دينكم(٢).
__________________
(١) روى أحمد ١ / ٧٨ والمروزى فى تعظيم قدر الصلاة ١ / ٣٣٣ وأبو داود ٥ / ٣٥٩ وابن ماجة ٢ / ٩٠١ عن على بن أبى طالب قال : «كان آخر كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الصلاة الصلاة ، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم» وروى أحمد ٦ / ٢٩٠ ، ٣١١ ، ٣١٥ ، ٣٢١ ، عن أم سلمة قالت : كان من آخر وصية رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل نبى الله صلىاللهعليهوسلم يلجلجها فى صدره وما يفيض بها لسانه». وروى المروزى ١ / ٣٣٢ وابن ماجة ٢ / ٩٠٠ عن أنس بن مالك قال : كانت آخر وصية رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يغرغر بها فى صدره ، فلا يكاد يفيض بها لسانه : «الصلاة الصلاة ، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم».
(٢) انظر الرسالة بأكملها فى طبقات الحنابلة ١ / ٣٤٨ ـ ٣٨٠ ، وانظر : إسناد هذه الرسالة والتعليق عليه ج : ١ / ٤١ من المقدمة.