يتكلمون حتى يقال : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) (١) صاروا عميا وبكما وصما ، وينقطع الكلام ، ويبقى الزفير والشهيق ، فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة من قول الله وعزوجل (٢).
(وأما قوله) (٣) : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) (٤) وقال فى آية أخرى : (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (٥) فقالوا : كيف يكون هذا من المحكم فشكوا فى القرآن من أجل ذلك.
فأما قوله عزوجل : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) فهذا عند النفخة الثانية ، إذا قاموا من القبور لا يتساءلون ، ولا ينطقون فى ذلك الموطن ، فإذا حوسبوا ودخلوا الجنة والنار : أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة(٦).
وأما قول الله عزوجل : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (٧) وقال فى آية أخرى : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) (٨) فقالوا : إن الله قد ذم قوما كانوا يصلون فقال : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) وقد قال فى قوم أنهم إنما دخلوا النار لأنهم لم يكونوا يصلون ، فشكوا فى القرآن من أجل ذلك ، وزعموا أنه متناقض.
__________________
(١) سورة المؤمنون / ١٠٨.
(٢) وانظر تفسير الطبرى ٨ / ٢٠١ و ١٥ / ١٦٧ و ١٨ / ٥٩ وابن كثير ٣ / ٧٠ ، ٢٧١ والشوكانى ٣ / ٢٦١ ، ٤٩٩.
(٣) ما بين القوسين ليس من الأصل وما أثبته موافق للمطبوع ، ويقتضيه السياق.
(٤) سورة المؤمنون / ١٠١.
(٥) سورة الصافات / ٥٠.
(٦) وانظر : تفسير الطبرى ١٨ / ٥٤ و ٢٣ / ٥٨ والشوكانى ٣ / ٤٩٩.
(٧) سورة المدثر / ٤٢ ، ٤٣.
(٨) سورة الماعون / ٤.