قال : أما قوله : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) عنى بها المنافقين (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) (١) حتى يذهب (ق ٥ / أ) الوقت (الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ) (٢) يقول : إذا رأوهم صلوا وإذا لم يروهم لم يصلوا. وأما قوله : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) يعنى الموحدين المؤمنين فهذا ما شكت فيه الزنادقة (٣).
وأما قول الله عزوجل : (خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) (٤) ثم قال : (مِنْ طِينٍ لازِبٍ) (٥) ثم قال : (مِنْ سُلالَةٍ) (٦) ثم قال : (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (٧) ثم قال : (مِنْ صَلْصالٍ) (٧) فشكوا فى القرآن ، وقالوا : هذا ملابسة ، ينقض بعضه بعضا.
(نقول) (٨) فهذا بدء خلق آدم خلقه الله أول بدئه من تراب ، ثم من طينة حمراء وسوداء وبيضاء ، من طينة طيبة وسبخة. فلذلك ذريته : طيب وخبيث أسود وأحمر وأبيض (٩) ، ثم بل ذلك التراب فصار طينا. فذلك قوله : (مِنْ طِينٍ) فلما لصق الطين بعضه ببعض فصار طينا ، لازبا ، يعنى لاصقا. ثم قال : (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) يقول : مثل الطين إذا عصر انسل من بين الأصابع ، ثم نتن فصار حمأ مسنونا (١٠) فخلق من الحمأ فلما جف صار صلصالا
__________________
(١) سورة الماعون / ٥.
(٢) سورة الماعون / ٦.
(٣) وانظر : تفسير الطبرى ٢٩ / ١٦٦ و ٣٠ / ٣١١ وابن كثير ٤ / ٥٨٨ والشوكانى ٥ / ٥٠٠.
(٤) سورة الروم / ٢٠ ، وسورة فاطر / ١١ ، وسورة غافر / ٤٠.
(٥) سورة الصافات / ١١.
(٦) سورة المؤمنون / ١٢ (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) سورة السجدة / ٨ (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ).
(٧) سورة الحجر / ٢٦ ، ٢٨ ، ٣٣ ، الآيات المتقدمة فى سورة الحجر وفى سورة الرحمن / ١٤ (مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ).
(٨) ما بين القوسين ليس من الأصل وهو فى المطبوع.
(٩) جاء نحوه فى حديث مرفوع. انظر : مسند أحمد ٤ / ٤٠٠ والترمذي ٥ / ٢٠٤ وأبى داود ٥ / ٦٧ والحاكم ٢ / ٦١.
(١٠) فى الأصل : «مسنون».