جَمِيلاً) (١).
فقالوا : كيف يكون هذا من الكلام المحكم ، وهو ينقض بعضه بعضا. قال : أما قوله: (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) فهذا من الأيام التى خلق الله فيها السموات والأرض ، كل يوم كألف سنة. وأما قوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ) (ق ٦ / أ) (أَلْفَ سَنَةٍ) وذلك أن جبرائيل كان ينزل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ويصعد إلى السماء فى كل (يوم) (٢) كان مقداره ألف سنة ، وذلك أن من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة. فهبوط : خمسمائة عام. وصعود : خمسمائة عام فذلك ألف سنة. وأما قوله : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) يقول : لو ولى حساب الخلائق غير الله ما فرغ منه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، ويفرغ الله منه مقدار نصف يوم من أيام الدنيا ، إذا أخذ فى حساب الخلائق ، فذلك قوله : (وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) يعنى لسرعة الحساب (٣) (٤).
وأما قوله : (يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) إلى قوله : (ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٥). فأنكروا أن كانوا مشركين وقال فى آية أخرى (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) (٦) فشكوا فى القرآن. وزعموا أنه متناقض. أما قوله : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) وذلك : أن أهل الشرك (٧) إذا رأوا ما يتجاوز الله عن أهل التوحيد ، يقول بعضهم لبعض : إذا سألنا نقول : لم نكن مشركين. فلما جمعهم الله وجمع أصنامهم وقال :
__________________
(١) سورة المعارج / ٤.
(٢) فى الأصل : «فى كل يوم» والصواب ما هو مثبت كما فى المطبوع.
(٣) فى المطبوع : «سرعة الحساب».
(٤) وانظر تفسير الطبرى ١٧ / ١٨٣ و ٢١ / ٩١ و ٢٩ / ٧٠ وابن كثير ٣ / ٢٤٠ ، ٤٧٦ و ٤ / ٤٤٤ والشوكانى ٣ / ٤٦٠ و ٤ / ٢٤٨ ، ٢٥١ و ٥ / ٢٨٨ ، ٢٩١.
(٥) سورة الأنعام / ٢٢ ، ٢٣.
(٦) سورة النساء / ٤٢.
(٧) فى المطبوع : أن هؤلاء المشركين.