يقولون : (هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ) ، فزعموا أن القرآن ينقض بعضه بعضا (ق ٧ / أ).
أما قوله : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ) فإنه يسألهم عند زفرة جهنم. فيقول : ما ذا أجبتم فى التوحيد. فتذهب عقولهم عند زفرة جهنم ، فيقولون : لا علم لنا ، ثم ترجع إليهم عقولهم من بعد ، فيقولون : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم.
فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة (١).
وأما قول الله عزوجل : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٢) وقال فى آية أخرى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) (٣).
فقالوا : كيف يكون هذا يخبر أنهم ينظرون إلى ربهم ، وقال فى آية أخرى (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) فشكوا فى القرآن وزعموا أنه ينقض بعضه بعضا أما قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) يعنى الحسن والبياض (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) يعنى تعاين ربها فى الجنة.
وأما قوله : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) يعنى فى الدنيا دون الآخرة ، وذلك أن اليهود قالوا لموسى : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) (٤) فماتوا وعوقبوا لقولهم : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) وقد سألت مشركو العرب النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) (٥) فلما سألوا النبي صلىاللهعليهوسلم هذه المسألة قال الله تعالى : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) حين (ق ٧ / ب) قالوا : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) الآية ، فأنزل الله سبحانه يخبر أنه لا تدركه الأبصار أى أنه (٦) لا يراه
__________________
(١) وانظر الطبري ٧ / ١٢٤ و ١٢ / ٢٠ وابن كثير ٢ / ١٢٣ ، ٤٧٣ والشوكانى ٢ / ٩٠ ، ٤٩٠.
(٢) سورة القيامة / ٢٣.
(٣) سورة الأنعام / ١٠٣.
(٤) سورة النساء / ١٥٣.
(٥) سورة الإسراء / ٩٢.
(٦) فى المطبوع : «أى أنه».