وأما قوله : (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). يقول اعدلوا فيما بينكم وبين (ق ٩ / أ) الناس إن الله يحب الذين يعدلون.
وقال فى آية أخرى : (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) (١) يعنى : يشركون.
فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة (٢).
وأما قوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (٣) وقال فى آية أخرى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) (٤).
وكان هذا عند من لا يعرف معناه ينقض بعضه بعضا.
أما قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) ، يعنى من الميراث ، وذلك أن الله عزوجل حكم على المؤمنين لمّا هاجروا إلى المدينة أن لا يتوارثوا إلا بالهجرة ، فإن مات رجل بالمدينة مهاجرا مع النبي صلىاللهعليهوسلم وله أولياء بمكة لم يهاجروا : كانوا لا يتوارثون ، وكذلك إن مات رجل بمكة وله ولى مهاجر مع النبي صلىاللهعليهوسلم : كأنه لا يرثه المهاجر فذلك قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) من الميراث (حَتَّى يُهاجِرُوا) فلما كثر المهاجرون رد الله الميراث على الأولياء هاجروا أو لم يهاجروا ، وذلك قوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) (٥).
وأما قوله : (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) يعنى فى الدين ،
__________________
(١) سورة النمل / ٦٠.
(٢) وانظر تفسير الطبرى ٢٩ / ١١٣ وابن كثير ٢ / ٦٤ و ٤ / ٤٥٧ والشوكانى ٢ / ٤٢ و ٥ / ٣٠٨.
(٣) سورة التوبة / ٧١.
(٤) سورة الأنفال / ٧٢.
(٥) سورة الأنفال / ٧٥.