التعليق :
الزنديق جمعه زنادقة ، وقبل الحديث عن استعمالات هذه الكلمة فى العصر الإسلامى أود أن أتطرق إلى ما قيل فى أصل هذا الكلمة واكتفى هنا بما ذكره ابن حجر إذا يقول.
قال أبو حاتم السجستانى وغيره : الزنديق فارسى معرب أصله :
«زنده كرداى» يقول بدوام الدهر لأن زنده الحياة وكرد العمل ... وقال ثعلب : ليس فى كلام العرب زنديق وإنما قالوا زندقى لمن يكون شديد التحيل ، وإذا أرادوا ما تريد العامة قالوا : ملحد ودهرى بفتح الدال أى بدوام الدهر ، وإذا قالوها بالضم أرادوا كبر السن.
وقال الجوهرى : الزنديق من الثنوية ، كذا قال ، وفسره بعض الشراح بأنه الّذي يدعى أن مع الله إلها آخر ، وتعقب بأنه يلزم منه أن يطلق على كل مشرك ، والتحقيق ما ذكره من صنف فى الملل أن أصل الزنادقة أتباع ديصان ثم مانى ثم مزدك الأول وحاصل مقالتهم أن النور والظلمة قديمان وأنهما امتزجا فحدث العالم كله منهما ، فمن كان من أهل الشر فهو من الظلمة ومن كان من أهل الخير فهو من النور ، وأنه يجب السعى فى تخليص النور من الظلمة فيلزم إزهاق كل نفس ، وإلى ذلك أشار المتنبى حيث قال فى قصيدته المشهورة.
وكم لظلام الليل عندك من |
|
يد تخبر أن المانوية تكذب |
وكان بهرام جد كسرى تحيل على مانى حتى حضر عنده وأظهر له أنه قبل مقالته ثم قتله وقتل أصحابه وبقيت منهم بقايا اتبعوا مزدك المذكور وقام الإسلام والزنديق يطلق على من يعتقد ذلك ، وأظهر جماعة منهم الإسلام خشية القتل (١) اه.
__________________
وعند الشوكانى ـ دار المعرفة ـ بيروت. وانظر أيضا دفع ايهام الاضطراب عن آيات الكتاب لمحمد الأمين الشنقيطى.
(١) فتح البارى ١٢ / ٢٧٠ ـ ٢٧١ وانظر : مروج الذهب للمسعودى ١ / ٢٥٠.