فالخروج والتخصيص متعلق بعموم الحكم ولا شبهة وعلى هذا فالبحث في باب العموم والخصوص إنّما هو في عموم الحكم وهذا يظهر بوضوح من العناوين والأبواب مثل كميّة التخصيص وتخصيص الأكثر وإنّ العام المخصص مجاز أو حقيقة وحجة في الباقي أم لا؟ ومما يرشد الى ذلك قول صاحب المعالم حيث انّه قد احتفظ على عبارة المتقدمين وقال : (الحقّ ان للعموم في لغة العرب صيغة تخصه) (١) ولم يقل هل للعموم لفظ يخصه. وهذا علامة ان مرجع البحث هو العموم الحكمي اذ المراد بالصيغة هي الهيئة التركيبية فإنّ في اكرم العلماء. معلوم انّ وضعه للعموم فإنّ العلماء جمع محلّى باللام فالعموم الحكمي متولد من التركيب وإلّا فلا عموم. وعلى ذلك فمحل النزاع هو ان صيغة اكرم العلماء التركيبية هل وضعها للعام بحيث متى ترد لغيره كان مجازا؟ وقد نبّه أكثر القدماء بأنّه ليس للعموم صيغة تخصه وهذا بديهي فإنّه لا احتياج الى وضع الهيئة التركيبية للعموم بعد تولد العموم من عموم الموضوع فانّ هيئة (اكرم العلماء) و (اكرم زيدا) واحدة إلّا ان زيدا خاص فالحكم أيضا وقع على الخاص وهكذا الحال في اكرم العلماء إلّا أن له أفرادا فالحكم أيضا يسرى تبعا الى افراد الموضوع فالعموم الحكمي متولد من الوضع والحمل وهنا نكتة يجب ذكرها وهي ان هذا التوليد هل هو على وجه العلّية التامة للعموم؟ ـ بحيث لا يقبل الخلاف؟ ـ أو أنه مقتض لذلك فيؤثر أثره ما لم يمنع عنه مانع. الصحيح هو الثاني فهو مقتض للسريان فالكلام الشائع المعروف عند أهل اللسان الواقع في محاوراتهم من انه للمتكلم أن يلحق من اللواحق ما دام متكلما صحيح متين. كما في مورد الاقرار مثلا فإذا قال له علىّ ألف لا بد من أن ينتظر الى أن يختم كلامه لصحة ان يقول في عقبيه إلّا مائة مثلا. فعموم الحكم ليس إلّا على وجه الاقتضاء. ومن هنا تبيّن انه لا مجال بل
__________________
(١) معالم الأصول : ص ١٠٤.