بل هي ذاتا زوج كما ان الثلاثة فرد ذاتا. وقد سبق ان هذا لا ينافي القضية الفرعية.
ومن هنا يظهر ان ما زعمه التفتازاني في ان عروض العرض قبل الوجود الخارجي غير معقول. هذا زعم فاسد ناش عن عدم التوجه. ثم انه قال بأن مرجع عرض الماهية ليس إلّا الى عرض الوجود كالاحراق بالنسبة الى النار في الخارج.
أو الى عرض الوجود الذهني كالكلية بالنسبة الى الانسان أو الى كليهما كالأربعة فانها عرض للأربعة لوجودها الخارجي والذهني.
أقول. كأنّ صدور هذه الكلام منه كان لأجل عدم حصول منافاة بين القضية الفرعية وبين تقسيم العرض. ولكنه لا يخفى عليك ان هذا مما لا حاجة اليه ولا معنى للوجود الذهني مضافا الى الخلط بين الثبوت الربطي والثبوت الأصيل (في قولهم ثبوت شيء لشيء الخ).
فلنرجع الى ما كنّا فيه. وهو ان عموم الحكم قد يكون موجودا دون عموم الموضوع كالنكرة في سياق النفي وفيما كان الحكم تعلق بكل ذي اجزاء وفي تعلقه بالطبيعة. وقد يكون عموم الحكم متولدا من عموم الموضوع كما في اكرم العلماء. كما انه قد يكون كل منهما مفترقا عن الآخر وهذا مما قد غفلوا عنه ومثاله تزوج الابكار وجالس العلماء فهنا جمع محلّي باللام ومفاده في المثال باق على حاله إلّا أنّه لا يكون له عموم شمولي كما في اكرم العلماء بل بدليّ فالموضوع له عموم شمولي وارتباط الحكم بهذا الموضوع منصرف اطلاقا الى الشمولي اذ عموم الموضوع شمولي إلّا أنّ القرينة الخارجية يردّ هذا العموم الشمولي الى البدلي فهذا العموم البدلي ليس تصرفا في اللفظ بأن ينسلخ الجمع عن كونه جمعا فما دام خاليا عن القرينة ينصرف الى الشمولي ولكن الحكم المتعلق به بدلي فيصرفه الى نفسه ولذا قالوا في قوله سبحانه وتعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) الخ (١) انه لا يجب البسط فانّ عموم الحكم بدلي مع ان
__________________
(١) سورة التوبة : آية ٦٠.