مقدار التخصيص
اختلفوا في مقدار التخصيص. فهل يجوز الى أن يبقى من العموم واحد. أو الى أن يبقى مدلول الجمع أو بحيث يبقى كثرة قريبة من العموم كما ذهب اليه أكثر الأصوليين. وجوه.
واستدل الأكثر باستهجان قول القائل أكلت جميع ما في البستان من الرمان والحال انّه لم يأكل إلّا واحدة أو اثنتين فإذا كانت فيها خمسمائة. يقول أكلت جميع الرمان في البستان إلّا أربعمائة وتسعين (مثلا) فهذا مستهجن وهو دليل عدم الجواز.
أقول. الاستهجان في المقام صحيح لا ننكره إلّا أنه ليس من أجل التخصيص الى ذلك الحد بل لوجود نقض غرض الكلام فإنّ لفظة (كل. وجميع) مثلا وغيرهما ألفاظ تدل على العموم وواردة مورد رفع توهم التخصيص فقولك اكرم العلماء كلهم. كلمة الكل تأكيد لرفع توهم التخصيص في الجملة والتأكيد في عرف النحاة وإن كان تابعا لوجود شيء حتى يكون هذا مؤكدا له إلّا أن بحسب المعنى لم يكن فرق بين اكرم جميع العلماء واكرم العلماء جميعهم ولا تفاوت بينهما في المفاد إلّا في بعض الخصوصيات فقول القائل أكلت جميع ما في البستان إنّما هو في مقام رفع توهم التخصيص وعليه فلا مجال لكون التخصيص الى تلك الدرجة المذكورة.
إن قلت. إنّ لفظ العلماء كما يفيد عموم الموضوع فكذا عموم الحكم. قلت : ليس الأمر كذلك بالبداهة فإنّ هذا اللفظ قبل التركيب ليس له مجال لافادته عموم الحكم وبعد التركيب ليس له وضع آخر والوضع في الهيئة التركيبية ليس إلّا مفيدا للنسبة سواء كان محل النسبة عاما أو خاصا فلا ربط لهما بمفاد النسبة فإن كان أحد طرفي النسبة عاما كان المحمول كذلك أيضا وإلّا فلا وهذا إنّما هو بمقتضى وضع