التنجز متفرع على مرحلة التعلق فما لم يكن تعلق لم يكن تنجز وهذه المرحلة هي التي فيها للعذر أو التنجز مجال فيمكن أن يكون التعلق موجودا ولكن يكون المكلف معذورا وأثر ذلك يظهر فيما اذا كان الحكم بالقضاء فيثبت بعد ارتفاع العذر كما في قوله سبحانه وتعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(١) ومنه قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ)(٢) فقد تعلق الحكم في أمثال هذه الموارد لكن لا بنحو يدور الأمر بين الاطاعة والعصيان والمانع عن تحقق العصيان هو العذر الموجود ولكن لما كان الحكم منجزا فالأمر دائر بين الحالتين ـ والتعلق أيضا فرع التحقق أعنى مرحلة تقنين القانون وتشريع الشرع فهذا قبل التعلق ولذا ورد أن شريعة محمد صلىاللهعليهوآله مستمرة الى يوم القيامة حيث أنّها تشمل الغائب والحاضر والموجود والمعدوم الى قيام القيامة فإنّه وإن كان تشريع الشرع بلحاظ المكلف وإلّا كان لغوا إلّا أن وجوده غير لازم عند مرحلة التحقق نعم لا بد من وجوده في عالم التعلق كما هو واضح ـ فقد تبين مما ذكرنا أن للحكم مراتب ثلث. تحقق وتعلق وتنجز.
ولكن صاحب الكفاية قدس الله روحه قسم مراتب الحكم الى أربعة وجعل كل واحدة منها مقدمة لرفع اشكال اجتماع الضدين الوارد في مبحث امكان التعبد بالظن ومحصل كلامه (٣) : ان لكل من حكمي الواقعي والظاهري مراتب أربع الشأنية والانشاء والفعلية والتنجز وذهب الى انه لو اجتمعت المراتب الأربع في الحكم الواقعي وصار منجزا كان الحكم الظاهري باقيا في مرحلتيه الأوليين الشأنية والانشاء واذا كان الحكم الظاهري واجدا لمراتبه كلها كان الحكم الواقعي باقيا في
__________________
(١) سورة البقرة : آية ١٨٤.
(٢) سورة البقرة : آية ٢٨٠.
(٣) كفاية الأصول : ص ٢٧٧ الى ٢٧٩.