تجامع التنجز أو تفارقه ـ؟ وحيث أنه قدسسره يقدّمها على التنجز فيتوجه عليه ان البعث والزجر لا يصح إلّا مع التنجز فهما متأخران عنه والحاصل انه لم نجد معنى معقولا للانفكاك بين الفعلية والتنجّز. فهذه المراحل الأربع للحكم غير تامة وإنّما ذهب الى هذا التقسيم والترتيب دفعا لإشكال اجتماع الضدين أو المثلين بين الحكمين وقد أفاد في وجه الدفع ما نقلناه عنه من اجتماعهما في مرحلتين وافتراقهما في مرحلتين اخريين ولكن البناء فاسد كالمبنى فإنّه اذا فرض ان الحكم الظاهري كان ثابتا فليس الواقعي حينئذ بفعلي وهكذا العكس لزم منه التصويب الباطل والدور أما الأول فلأنّه اذا لم يحصل العلم بالحكم الواقعي فالمفروض انّه لا بد من أن تجري احدى الأصول الأربعة من البراءة أو الاشتغال أو التخيير أو الاستصحاب ويبقى الحكم الواقعي عند الشك فيه أو الجهل به في مرحلة الشأنية كما هو مفروض كلامه فلو كان كذلك يلزم منه عدم اشتراك المكلفين في الأحكام الواقعية مع انه يشترك فيها العالم والجاهل وأما الثاني فلان من المعلوم توقف العلم بالحكم على وجوده وثبوته فلو توقف وجوده وثبوته على العلم به (كما هو لازم كلامه) كان دورا.
فالتحقيق ـ انّ الأحكام الظاهرية ليست إلّا التنجز أو العذر لا جعل الحكم في مقابل الحكم الواقعي فإنّ الحكم الواقعي موضوعه أفعال المكلفين التي لها في نظر الشارع حكم من الأحكام الخمسة فإذا علم المكلف به كانت النتيجة هي التنجز واذا جهل فيثبت العذر فتختلف وظيفته باختلاف الموارد من الاحتياط أو التخيير أو البراءة أو الاستصحاب فالأولان مؤداهما التنجز والثالث العذر والرابع إمّا تنجز المستصحب أو العذر من الحكم اللاحق الذي جرى الاستصحاب على خلافه وعلى هذا فلا احتياج الى ترتيب مراتب أخرى للأحكام وإنّما نشاء هذا التقسيم والداعي الى ذلك الترتيب من الاغترار بالتعبير عن الأحكام الظاهرية بالوجوب أو الحرمة مثلا ـ لكن هذه التعابير وإن كانت جارية دائرة إلّا أن المقصود منها ليس هو الوجوب أو