وأما الآية والرواية فقد سبق الجواب عنهما بأنهما انّما تدلان على عدم جواز الحكم بشيء من دون العلم به والأخذ بكل واحد من الطرفين أمر غير معلوم كما في مسئلة الظن بالسجدتين فلا حجية لأي واحد منهما فلا مناص عن الرجوع الى أصالة عدم الحادث فمع قطع النظر عن الأصل لا يكفى عدم العلم فالبناء على عدم الاعتبار ليس إلّا ببركة جريان الأصل فإنّ الظن فاقد للحجية ذاتا فيشك في طرو الاعتبار عليه فيرجع الى أصالة العدم وأما تنظيره قدسسره بقاعدة الاشتغال فهي أيضا غير تام فإنّه اذا اشتغلت الذمة بالتكليف فما لم يحصل الفراغ اليقيني لم تبرأ الذمة فعدم براءتها إنما هو باعتبار أن في مورد الشك بالبراءة حيث انّها كانت مشغولة فلا بد من الأخذ بالاشتغال الى أن يحصل العلم بالفراغ وإلّا فالشك في أصل الاشتغال وعدمه مرجعه الى أصل البراءة عن التكليف ولكن بعد ثبوت الاشتغال تجري أدلة الاستصحاب من قوله عليهالسلام لا تنقض اليقين بالشك ومن كان على يقين فليمض على يقينه وليس لك ان تنقض اليقين بالشك ونحوها فيستصحب الاشتغال وهذا معنى جريان الأصل ويحتمل أن يكون أمره بالتأمل اشارة الى ذلك (١).
ومنها ـ ان الأصل إباحة العمل بالظن لأنها الأصل في الأشياء. حكاه بعض عن السيد المحقق الكاظمي (٢) قدسسره أقول ـ انّ الشك في المقام إنّما هو في الحكم الوضعي أعني الحجية وعدمها فلا مجال ولا ربط له بالاباحة هنا لوضوح ان الشك ليس في الحكم التكليفي من الحرمة والاباحة حتى يكون لما ذكر وجه ولو كان شك فيه فإنّما هو مسبب عن الحجية وعدمها ولا يجرى الأصل في المسبب ما دام يجري في السبب.
وقد أورد عليه الشيخ قدس الله سره بوجهين :
الأول ـ انه على تقدير صحة النسبة لا يعقل اباحة التعبد بالظن فإنّه على هذا
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ ص ١٢٨.
(٢) نفس المصدر : ج ١ ص ١٢٨.