المقلد حق أو فتوى من قلّدته سابقا وأيّهما موافق للواقع لم يعلم ذلك بوضوح. وأما قولهم هذا ما أفتى به المفتي وكلما أفتى به فهو حكم الله في حقّي. فليس هذا قياسا بل هو ليس إلّا ترتيب قياس وصورته والمعلوم أن القياس يحتاج الى شرط آخر مفقود في المقام. وبعبارة أخرى اذا قيل هذا بول وكل بول يجب الاجتناب عنه ان البول موضوع وليس دليلا للحكم وهكذا في المقام فما أفتى به المفتي ليس إلّا موضوعا للتقليد وأما دليل الحكم أي جواز التقليد فهو ليس إلّا الأدلة المجوزة للتقليد لا شيء آخر.
والمتحصل ان فتوى المفتي ليس بدليل ذاتا إلّا أنه حجة من قبل الشارع فهو موضوع للحكم والمراد من الحكم هو جواز العمل لا الحكم الواقعي فيرجع قوله (حكم الله في حقي) الى الحكم الظاهري الذي هو منشأ للتنجز والعذر فهو مأمور بالعمل وليس بعالم وفتوى المفتي في حقه لا يكون دليلا لجواز عمله حتى يقال بأنه عالم بل هو موضوع الحكم الظاهري كما تبين ـ والنتيجة الحاصلة من هذا المبحث انه لا احتياج الى قيد التفصيلية لاخراج علم المقلد اذ لا علم له حتى يتكلف في اخراجه.
المبحث السادس ـ في اشكال اتحاد الدليل والمدلول. ذكر في القوانين (١) أنه بناء على أن يكون الحكم الشرعي عبارة عن خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين يلزم اتحاد الدليل والمدلول. حيث قال في تقريره (مع كون الكتاب من أدلة الأحكام وهو أيضا خطاب الله فيلزم اتحاد الدليل والمدلول).
أقول. بل ويلزم أيضا اشكال آخر أفظع من الأول وهو لزوم أن يكون دين الله عبارة عن عدة ألفاظ وعبارات مثل لفظة أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وغير ذلك
__________________
(١) القوانين المحكمة : ج ١ ص ٥ ، الطبعة الحجرية القديمة.