باب قبح العقاب بلا بيان وقد تكون شرعية من باب أخبار الرفع والحجب والسعة والاطلاق مع أنها أصل في كلتا الصورتين فقبح العقاب بلا بيان عند العقلاء ليس من باب الكشف عن الاباحة الواقعية بل من باب أنه ليس في المقام حكم وعلى فرض وجوده فبما أنه ليس بمبين فالمكلف معذور عنه ومرجع الأمرين الى العذر وهكذا الاحتياط الذي هو أصل عقلي فالتنجيز ثابت بسبب العلم وليس امارة والاتيان بالأطراف لا بد منه في مرحلة الامتثال لا أنه حكم غير الحكم الأول والحاصل انّه لا ملازمة بين الاعتبار العقلي وبين كون المعتبر العقلي امارة وعليه فلا بد وان ينظر في أن العقلاء من أي وجه يحكمون بالاستصحاب؟
فاعلم أن حكمهم به في المقام مستند الى اليقين السابق ولا يرفعون اليد عنه ما لم يظهر لهم خلافه ولا يقاومه الشك وإلّا فليس من جهة أن له حظا من الكشف وإن كان فيه كشف ناقص إلّا أنه ليس تاما حتى يكون النظر ابتداء اليه وهكذا الحال فيما اذا كان التعبد به بحسب الشرع فالمستند أيضا هو اليقين السابق في قولهم عليهمالسلام لا تنقض اليقين بالشك ونحوه والمحصّل أن اليقين السابق قد أثبت التنجز ولا يعارضه الشك بمقتضى حكم العقل والشرع فما ذهب اليه الشيخ من جعله امارة بناء على كونه من باب العقل واصلا على فرض حجيته من باب الشرع لم يظهر لنا من ذلك وجه.
فإن قلت انّه لا حكم للعقل إلّا في مورد الكشف ـ قلت ـ ليس الأمر كذلك على اطلاقه فإنّ البراءة العقلية لا يكون كذلك كما بيّنا وكذا الاحتياط فإنّه من ناحية العلم بالتكليف وعدم امكان الجمع مع أنه أصل عقلي وليس له كشف من جميع الجهات.
وأما البراءة ـ فالمعروف انّها تستند الى عدم العلم ـ ولكن يتوجه عليهم انّه ما السبب في ترجيح العدم على الوجود عند الشك في المسألة مع ان نسبته متساوية