الاطلاق ـ فهذه الأصول الثلاثة قد جرى بناء العقلاء في محاوراتهم وأقاريرهم على اتباعها فهي متبعة شرعا وعرفا ـ والتأمل في حال المخاطب وغير المخاطب في المقام والفرق بينهما وعدمه لا ينافي أصل المقصود ـ ولكن هل يقتضى ثبوت الاعتبار بحكم العقل وبناء العقلاء اعتبار القاعدة المبحوث عنها في كل مورد أم لا ـ؟ ـ فلا بد أولا من بيان تطبيق القاعدة على أصالة الحقيقة والعموم والاطلاق ثم سرايتها الى ساير الموارد.
فنقول ـ لا خفاء في وضع الألفاظ لمعانيها الحقيقية إلّا أن لها الصلاحية لأن يراد منها المعاني المجازية ولكن بما أن وجهتها الأولية هي المعاني الحقيقية فلا يصار الى المجازية إلّا بقرينة صارفة عن الحقيقية وهذا هو معنى المقتضي والمانع فإنّ اللفظ الملقى في مقام الافادة والاستفادة ينصرف في حد نفسه الى المعنى الحقيقي فالقرينة الصارفة مانعة عن هذا المعنى وليست في المقام حالة سابقة عند الشك في المعنى الحقيقي والمجازي ولكن المقتضى محرز وهو أن الوجهة الأولية للفظ عبارة عن انصرافه الى المعنى الحقيقي فما دام الشك باقيا في القرينة الصارفة فحيث انه أطلق اللفظ في حال الشعور والارادة فقد أطلقه الى تلك الوجهة الأولية وهي المعنى الحقيقي.
وهكذا الحال في أصالة العموم وأصالة الاطلاق ـ أما الأول فهو قسمان موضوعي وحكمي ـ أما الأول فهو ما استفيد بحسب وضع اللفظ كالجمع المحلّى باللام والثاني فكقولك اكرم العلماء فكلما وجد هذا المحمول وذلك الموضوع فهو الحكمي وهو الذي يقبل التخصيص فإذا قلت اكرم العلماء إلّا زيدا فمن الواضح انه لا يخرج الاستثناء زيدا من أفراد العلماء بل يخرجه من المعروضين للاكرام فالعموم الحكمي هو القابل للتخصيص وهو الذي لم يوضع لها لفظ بخلاف العموم الوضعي فالحكمي تابع للوضعي والمفيد له إنّما هو الهيئة التركيبية فكل من الموضوع والمحمول عام وإلّا فلا استناد الى اللفظ وما يقال بعدم وضع ما يفيد العموم من الألفاظ فإنّما هو