في العموم الحكمي لا الوضعي ـ والمقصود ان الوجهة الأولية في اكرم العلماء هو اقتضائه لإفادة العموم الى أن يقوم التخصيص.
وأما أصالة الاطلاق فهو أيضا كذلك فإن قولك (اعتق رقبة) وجهته الأولية هي الاطلاق ما لم يكن قيد فهذه أصول ثلاثة ثبت اعتبارها بحكم العقل والعرف وعند التأمل يظهر ان اتكاءهما في هذه الأصول الى قاعدة الاقتضاء والمنع.
إن قلت ـ ان هذه موارد خاصة ولا تدل على السريان الى باقي الموارد ـ قلت ـ هذا مسلم لو كان الحكم ثبت التعبد به بحسب الشرع وأما العقلاء وأهل العرف فلا جعل لهما اذ لا ولاية لهما على أحد حتى يلزم اطاعتهما على الآخرين بل ان العرفيات جهات ذاتية معروفة عند العرف يتوجهون اليها بحسب فطرتهم (ونعني بالعرفيات هنا هذا المعنى) وأما الجعل فهو خاص بمن له الولاية اما غيره فليس له حق تغيير وتبديل ومن المعلوم ان الذاتيات والفطريات لا تقبل التخصيص نعم إنما تقبله بجعل من الشارع بأن يتصرف الشارع في المقتضيات اثباتا ونفيا كما في البيع والربوا فالخصوصيات المجعولة من قبل الشارع إنّما هي باعتبار عدم كون المقتضيات عللا تامة وإلّا فلا تقبل التصرف أصلا ومن أي أحد كقبح الظلم وحسن العدل.
فالنتيجة الحاصلة لنا من هذه الأصول إنّما هي ببركة قاعدة الاقتضاء والمنع المعتبرة عند العقلاء ولا تخص الموارد الخاصة المذكورة بل إنّما هي مصاديق لها بل ان الفقهاء قدس الله أسرارهم قد تمسكوا بالقاعدة في موارد كثيرة ويظهر ذلك للمتتبع في الفقه ـ منها ـ أصالة اللزوم فقد أفاد الشيخ الأنصاري قدسسره في أول باب الخيارات بأن عند الشك في اللزوم والجواز في عقد البيع يرجع الى اللزوم (١) وهو قدسسره لما لم ير القاعدة معتبرة فلذا قد أرجع الأمر الى الحالة السابقة بتقريب انّه اذ أوقع البيع (لازما
__________________
(١) كتاب المكاسب : ج ٥ ص ١٣.