مورد اعتبار أصالة الحقيقة
هل اعتبار أصالة الحقيقة يختص بالمخاطب المقصود افهامه بالكلام أو هو مطلق فيشمل غير المقصود بالخطاب وكذا المعدومين والغائبين؟
فنقول ـ إنّه قد لا يكون المقصود بالكلام افهام الحاضر المخاطب بخصوصه كما في الخطابات التصنيفية مثل ما ذكر الشيخ الأنصاري في أول مبحث القطع بقوله (اعلم ان المكلف اذا التفت الى حكم ـ الخ) فمن الواضح انه لم يقصد بقوله (اعلم) خصوص من حضر بحثه الشريف أو المراجع الى كتابه فقط لعدم لحاظ هذه الأمور والحيثيات حين تصنيفه فلا ينبغي الريب في اعتبار هذه الخطابات وإلّا لسقطت عن الاعتبار بالكلية بل المقصود هو جميع الافراد بلا فرق بينهم وأوضح من ذلك ؛ القرآن العظيم فإنّه من قسم الخطاب التصنيفي حيث انّه قد جاء به أمين الوحي من اللوح المحفوظ ولم يكن هناك أحد حتى يقصد بالخطاب وما تلاه النبي صلىاللهعليهوآله وقرأه عليهم فانّه قراءة كلام الله سبحانه لا ان يكون خطاب شفاهي وتوهم انّ القرآن خطاب شفاهي فلا يستوي فيه الحاضر والغائب فاسد.
وأما الخطابات الشفاهية ـ فبما ان الملاك هو احراز المقتضي والشك في المانع فيترتب آثار المقتضى ولا يعتنى باحتمال المانع فهذه الخطابات لا فرق فيها بالنسبة الى المقصود بالخطاب وغيره وليس في البين شيء إلّا احتمال وجود قرينة توجب الفرق بين الموجودين والمعدومين ـ ولكن هذا هو احتمال المانع ولا اعتناء به مع وجود العلم بالمقتضى وعلى ذلك قد جرت سيرة العقلاء فإذا أقرّ أحد في مجلس واستمع آخرون فلهم أن يشهدوا بما سمعوه.