بالقديم اذ ليس كلامه سبحانه وتعالى من مقولة اللفظ كما ان منهم من منع الكبرى وجوّز قيام الحادث بالقديم وزعم بعضهم ان الكلام اللفظي قديم أيضا كما ربما يظهر من بعض الحنابلة حتى قالوا بقدم جلد القرآن وقال بعضهم : ان الكلام اللفظي في المقام حق ولكن ليس له قيام بالباري وعزّ جل بل انّما قيامه بالملك ولكن يستند اليه تعالى مجازا فينسب اليه الكلام اللفظي لا على وجه القيام به.
والحاصل انّ الأشاعرة لم يقولوا إلّا بالكلام النفسي.
والجواب ـ أما أولا. فانّ الكلام النفسي غير معقول فانّ الإخبار في الجمل الخبرية يكون قيامه بالعلم وهو المدلول الذهني له وأما الانشاء في الجمل الانشائية فقيامه بالارادة والكراهة وليس في البين ما كان خارجا عن الخبر والانشاء أي عن العلم والارادة والكراهة مع انهم صرحوا بأن الكلام النفسي مغاير لذلك كله. وعلى دعواهم هذه فإنّا لا نعقل ذلك ولا نتصوره.
وثانيا. فمع الغض عن صحته واستحالته لا يكون ذلك دافعا للاشكال ولا يمكنهم الاستراحة به بل الاشكال باق حتى على الكلام النفسي سواء كان الكلام اللفظي كاشفا عنه أو مثبتا له. والوجه في عدم اندفاع الاشكال على رأيهم. هو انه لما أنكروا الكلام اللفظي في حقه تعالى وتعظم ولم يتصوروه فكل ما هنالك لا يكون نفسيا فالمدلول نفسي والدليل أيضا نفسي اذ ليس مطلق الخطاب خطابا لله بل ما كان خطاب الله وهو عند الأشاعرة ما أحضر في النفس فرجع اشكال الاتحاد لكن هذا الاتحاد يكون نفسيا على مقتضى رأي الأشاعرة ولفظيا على صورة انكار الكلام النفسي.
والتحقيق. أما في أصل الاشكال. فنقول : انه مبنى على أن يكون الحكم الشرعي عبارة عن خطاب الله ومن البديهي انه ليس كذلك وليس الحكم الشرعي هو قوله سبحانه وتعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) بل الحكم هو مضمون ذلك وتعريف الحكم