بخطاب الله انّما هو في الأصل مأخوذ من أبي حامد الغزالي وهو كان من الأشاعرة ومراده من خطاب الله هو الكلام النفسي وهو خطاء في أصله كما عرفت. نعم قيل : انه استبصر في آخر عمره ورجع الى مذهب الحق. وعلى ما ذكرنا فلا نرى وجها لتعرض المحقق القمي في القوانين لهذا الأمر الخالي عن الصحة والتعقل والتكلف في البحث عنه وردّه.
وأمّا بالنسبة الى الكلام. فان قولهم الفاعل من قام به المبدا. ليس المقصود ما تخيلوه بل أن قيام الفاعل بالمبدإ قد يكون على وجه الاتصاف وتارة يكون على وجه الصدور اذ مبادي الأفعال قسمان أوصاف وأفعال. والأول كالعلم والجهل والقدرة والحياة وهذه المبادي وأشباهها قائمة بالذات والثاني كالضرب والجرح والقتل وهذه مبادئ صادرة عن الذات فالجرح فعل يصدر عن الذات ويقوم بالمجروح ومن هذا القبيل التكلم فهو فعل يصدر عن الذات ولا يقوم بها حتى يرد من المباحث ما عرفت. فالقيام في الفاعل لا يصح بإطلاقه بل قد يكون صدوريا وكان الأولى ان يقال : انّ الفاعل منشأ الفعل أو ما يعطى هذا المعنى ليشمل القسمين.
والاشكال في التكلم قد نشأ من أخذه قائما بالمبدإ وعليه فيلزم تعميمه بالنسبة الى الخلق والرزق والاحياء والامانة فيقال ان الخالق من قام به الخلق الخ وهذا مما لا يكون. فالحق ما ذكرناه من ان قيام الأفعال صدوري لا اتصافي.
وأما ما أجاب به المحقق القمي قدسسره عن الكلام النفسي في المقام (مضافا الى عدم معقوليته في أصله) من ان الكلام اللفظي حينئذ كاشف عن المدعي لا انه مثبت للدعوى فلا يكون دليلا في الاصطلاح ...
فقد يقال : (الاثبات) ويراد به الايجاد وقد يطلق على ما يوجب العلم كما تقول شهادة الفلاني هل مثبتة لهذا الحق أولا ـ؟ فلا يراد ان الشهادة توجد الحق بل انّما هي سبب لثبوته وهذا عين الكشف والحاصل ان الاثبات ليس معناه ايجاد ما لم يكن.