يرجع الأمر الى ما نزل منزلة الفقه وهو العمل بالظنون فيطلق الفقيه على العامل بها تنزيلا. وبعبارة أخرى إنّ التعريف لأصل الفقه وهو محفوظ باق على حاله وإن كنا نحن غير واصلين اليه في زمان الانسداد على حسب ما يذهب اليه قائله وعدم التوصل اليه حقيقة لا يوجب زوال معناه وذهابه حتى يورد على تعريفه بما ذكرناه مع الجواب عنه.
وقد أجيب عن أصل الاشكال بوجوه.
أحدها. ان العلم أعم من الاعتقاد الجازم المانع من النقيض والراجح غير المانع منه والمراد منه في التعريف هو الثاني فيكون مجازيا من باب استعمال الخاص في العام.
وفيه. ان العلائق المرسلة على ما ذكرنا في محله لا يكون شيء منها مصححا للتجوز وقد ابتدع أهل المعاني هذه العلائق وليس إلّا اشتباها منهم مع انهم أنفسهم قد اعترفوا بعدم اطرادها في جميع الموارد وقد تنبهوا الى أنها لو كانت منشأ لصحة الاستعمال للزم ان تكون مطردة فلذا ذكر بعضهم انه ليست هذه العلائق مما يلزم ان تكون دائرتها وسيعة شاملة مطردة بل اللازم هو صنف منها وان لم نعلمه بعينه وأنت ترى ان هذا العلة أشنع فانّه إحالة الى المجهول والصحيح ما أوضحناه ان في بعض موارد العلائق المرسلة لا يكون في البين إلّا الحقيقة وبعضها من باب الاستعارة المقيدة وبعضها من التجوز في الاسناد وسيأتي توضيح ذلك في مبحث الحقيقة والمجاز إن شاء الله تعالى.
ثانيها. ما عن العلامة قدسسره من أن ظنية الطريق لا تنافي قطعية الحكم (١). وقد حمل بعضهم كلامه قدسسره على الحكم الظاهري فالظنية هي الحكم الظاهري والقطعية
__________________
(١) معالم الأصول : ص ٢٤.