(٣)
تحقيق حول قاعدة بسيط الحقيقة *
إذا كان المراد من قاعدة بسيط الحقيقة كل الأشياء هو انّ بسيط الحقيقة سار في جميع الأشياء ومتحد مع جميع الأشياء فيرد عليه انّ هذا مستلزم لضعف بسيط الحقيقة وعدم وجوده إلّا بتبع الأنواع والأفراد. بيان ذلك : انّ بسيط الحقيقة إن كان متعينا ومتخصصا ومتميزا لزم من ذلك عدم سريانه في جميع الأشياء لأنّ المتعين والمتخصص لا يقبل السريان وإنّما يقبله إذا لم يكن له التعين والتخصص كالجوهر الذي هو الجنس العالي وله السريان في جميع الأجناس والأنواع وذلك لأجل انّ الجوهر لا يكون متعينا في فرد أو نوع معين وهذا هو وجه ما قلناه من انّ السريان في جميع الأشياء كاشف عن الضعف أعنى ما دام باقيا على إبهامه والفرض انّ ابهامه فوق إبهام ساير الأجناس ومع ذلك يكون ساريا في جميع الأجناس والأنواع فكان لازمة ما ذكرنا ولذا فلو خرج عن مرتبة من مراتب الإبهام إمّا بقيد التجرّد أو بقيد الماديّة كان سريانه بالنسبة إلى سريان الجوهر أقلّ مما قبل ذلك فإنّ الجوهر المجرد سار في العقول والجوهر المادي سار في الأجسام فإذا أضيف إلى الجوهر المادّي قيد (النامي) مثلا كان سريانه أقل فإذا أضيف (الحسّاس) و (المتحرك بالإرادة) كان كذلك فيقل ويضعف إلى أن يصل إلى مرحلة الفردية ـ والحاصل ـ انّ السريان هذا من ضعف الوجود لا من قوته واشتداده فلو كان بسيط الحقيقة مأخوذا بهذا المعنى كان معناه إن
__________________
(*) من إفادات الأستاذ المحقق قدسسره أفاضها علىّ في بعض مجالسه الخاصة بي في بلدة أهواز عند دراستي عليه مباحث المعقول وقبل هجرتي إلى العراق (حوزة النجف الأشرف العلمية).