ولكن حيث تخيلوا أن الحكم التكليفي من مقولة المنشا أو الانشاء وقالوا في الانشاء بالموضوعية فقد وقعوا في الاشكال والحيرة بالنسبة الى بعض الفروع الفقهية ومن ذلك ، اذا توسط الأرض المغصوبة فهنا خطابان أحدهما بلا تغصب والثاني بالخروج فذهب بعضهم الى أنه لا مجال للخطاب الأول مع أن استحقاق العقاب ثابت بقى فيها أم خرج ولذا قام بعضهم بدفع الاشكال وذكر أن العقاب انّما هو بسبب النهي الحاصل قبل الدخول مع أنه يرد عليه أن النهي المفروض قد انقطع حين الدخول فإذا دخل لزم أن لا يبقى عقاب والحاصل انّه مع عدم تصور الخطاب والانشاء كيف تتحقق حرمة الغصب وثبوت العقاب فلذا اضطر بعض منهم الى القول بنفي العقاب. والحق في الجواب أن الحكم موجود في كل من مرحلتي التعلق والتنجز من دون لزوم التعبير عنه بخطاب حيث عرفت أن الحكم يتحقق حتى بالطلب النفسي ولا يتفرع على البعث والزجر الخارجي. وهكذا بالنسبة الى فرع آخر أعني الصوم في حق المريض والمسافر مثلا. والمتحصل ان هذه الموارد يسهل حلّها بما ذكرناه في حال الحكم التكليفي.
المبحث الثامن : ذكروا أن حرف التعريف في الأحكام إن كان للاستغراق لزوم خروج جلّ الفقهاء لو لا كلهم عن التعريف فلا يكون منعكسا وإن كان للجنس دخل المتجزى فيه فلا يكون مانعا.
والجواب. أنّ الأحكام عبارة عن القواعد الكلية واللازم معرفة الفقيه بها وهذا لا ينافي التوقف والتأمل في الجزئيات والمسائل فإذا كان عارفا بها فلا مانع من أن يتوقف احيانا في تطبيق الكبريات على بعض الفروع الجزئية وهذا لا يستلزم عدم كونه فقيها بل ولا ينافي اطلاق اسم الفقيه عليه وكذا في اختلافهم في مرحلة التطبيق بعد اعمال أصل القاعدة فانّ الحكم الشرعي مع ذلك محفوظ. فالاشكال مرتفع من أصله.