هو الصحيح والمعتل وفي النحو هو المعرب والمبني وهكذا فهذه هي الموضوعات المتمايزة وكل واحد منها عنوان مستقل ولو كان المعروض أمرا واحدا. وبعبارة أخرى انّ الكلمة وإن كانت معروضة لهذه العوارض ولكن لا يلزم ان يكون المعروض أيضا متمايزا بل التمايز انّما هو في العنوان الكلي فعنوان المعرب والمبنى موضوع للنحو وعنوان الفصيح والبليغ موضوع للمعاني وإن كانت هذه الموضوعات تعرض معروضا واحدا. وبهذا المعنى يتم ما ذكره القوم لا ان يكون المعروض متعددا وتوضيح ذلك ان قولك زيد يجوز تقليده لأنّه فقيه ويستحق الخمس لأنّه هاشمي. فليس معناه ان زيدا هو الموضوع بل الموضوع هو الفقيه الهاشمي وانّما انطبق العنوانان عليه فهو موضوع تبعى ثانوي والحاصل انّه لا مانع من رجوع الموضوعات المتعددة الى معروض واحد.
هذا محصل كلام القوم. فلا بد حينئذ من النظر في ان مسائل الأصول هل ترجع الى موضوع ينطبق على المورد أو لا؟ فقد ذهب بعضهم الى ان موضوعه الأدلة الأربعة بوصف انّها أدلة (١) وبعضهم الى انّه هي بذواتها (٢).
أما المذهب الأول. فيرد عليه. ان لازم ذلك خروج بعض الأدلة العقلية والأصول العملية كالاحتياط والتخيير والبراءة والاستصحاب لوضوح ان البحث منها انّما هو عن تحقق الموضوع لا العوارض فقولنا البراءة أصل أي دليل وهكذا يلزم منه خروج عدة من مباحث الألفاظ كالأمر والنهي والعام والخاص فانّها متقدمة على الدليل اذ البحث عن حقيقة صيغة أفعل سابق على الدليل وليس من عوارضه اذ الدليلية أمر يعرض الحكم الشرعي بعد صدوره في مقام البيان فيستفاد
__________________
(١) وهذا هو المشهور بين الأصوليين على ما ادعي.
(٢) وهو المختار لصاحب الفصول ، ص ٤.