عليه انّ المعنى المستقل الذي يدل عليه الاسم يلزم ان يكون موجودا من قبل ولازم ذلك دلالة لفظ الابتداء على الابتداء الملحوظ أصالة بحيث يكون جزء المستعمل فيه ومن البديهي انّه لا يكون جزءا كذلك. بل لا بد وان يكون كل من الاستقلالية والآلية في مرحلة الاستعمال فلذا ذكر صاحب الكفاية ان المعنى الاسمي والحرفي في (من) وفي (الابتداء) واحد والفرق ليس من قبل الموضوع له بل في جهة الاستعمال ثم أورد هو على ذلك بأن لازمه صحة استعمال كل منهما مكان الآخر. وأجاب عنه. بأنّ الوجه في عدم الصحة هو اشتراط الواضع باستعمال لفظ الابتداء في اللحاظ الاستقلالي ولفظ (من) في الآلي منه (١).
ويرد عليه. هل هذا الشرط من قبيل الشروط في ضمن العقد حتى يلزم الوفاء به وهل للواضع حق لأصل هذا الاشتراط. وما المانع من مخالفة الواضع؟ فهذا غفلة عن حقيقة الحال وعن ما أفاده مولانا عليهالسلام في تعريف الفعل. وقد اضطربوا في مسئلة المعنى الحرفي والسبب فيه هو ما قالوا انّ الحروف ما أوجد معنى في غيره فلفظ من لا يوجد الربط ابتداء بل اذا كان داخلا على البصرة مثلا في قولك سرت من البصرة مع انّه لو كان المبدئية للسير واقعا وصحيحا كان ذلك ثابتا في قولك سرت سواء قلت من البصرة أو لم تقل وان لم يصح فقولك من البصرة لا يوجب انقلاب الواقع عما هو عليه.
وحيث انجر الكلام الى هذا المقام فلنشرع بالبحث في تحقيق المعنى الحرفي وبيان ما هو الحق عندنا.
الحرف. انّهم قد ذكروا في تعريف الحرف انّه ما دلّ على معنى في غيره. ولكن لما التفتوا الى ان هذه الدلالة لو كانت على معنى كائن في الغير واقعا لزم كون جميع
__________________
(١) كفاية الأصول : ص ١١ و ١٢.