فالحدث مستند الى الحروف المترتبة بأي هيئة كانت وانّما الماضي والمضارع والأمر نسب مختلفه وهيئة فعل دالة على الاسناد التحققي وهيئة يفعل على الاتصافي وهكذا فالمتحصل ان المبدا دال على الحدث والهيئة دالة على الاسناد إلّا أنّ هذا الاسناد مختلف والاختلاف بين الماضي والمضارع ليس بالزمان ولذا كان (لم يضرب) ماضيا و (إن ضرب) مستقبلا. توضيح ذلك انّ النسبة تحتاج الى طرفين وقد يقدّم مبدأ على الاسناد وتارة تقدم الذات على الاسناد فإن كان المبدا هو المتقدم فقد تحقق المبدا في الذات لا العكس. وهذا في الماضي حيث أن مبدأه متقدم وعلامة الماضوية متأخرة وهذا بخلاف المضارع فإنّ حروف (اتين) التي هي للمضارعة متقدمة على المضارع (وهكذا الحال في اللسان الفارسي مثلا مى زند أي يضرب) سواء كان التحقق ماضيا أو حالا أو استقبالا. وهكذا الاتصاف ولذا لم يخل المضارع من الاتصاف لتقوم المضارع به كما انّ التحقق مقوّم للماضي ولذا كانت بلاغة الكلام تختلف باختلاف الخصوصيات كما في العقود والايقاعات فإنّ ايجابها لا بد وان يكون بلفظ الماضي مع انّ المضارع الذي يشتمل على الحال والاستقبال أقرب الى الانشاء المعتبر في العقود والايقاعات والسرّ في ذلك انّ العاقد في مقام العقد ناظر الى التحقق لا الاتصاف وذلك بخلاف مقام الحمد والثناء مثلا فالمضارع هنا أي (أحمد وأثني) مقدم على الماضي (حمدت) حيث انّ النظر هنا الى الاتصاف بالحمد لله تعالى.
وأما الوجه في (وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً) فهو ناظر الى الأزل والأبد لا الماضي وحده ولا في ما بعد الحال كذلك. ولا يخفى انّ الاحاطة بهذه الخصوصيات دقيقة جدا اذ بهذه وصلت مدارج الفصاحة والبلاغة الى مرحلة عجز عن ادراكها العرب مع ما هم عليه من النبوغ في ذلك ولم يقدروا على انشاء مثل ما في القرآن إذ الفصاحة والبلاغة تقبلان الادراك الى حدّ ما وأما الاحاطة التامة بهما فغير متيسّر والملاحة مما يدرك ولا يوصف.