وجود الوضع للمركبات وعدمه
إنّ الوضع ثابت في طرفي التركيب ولكن سابقا عليهما وعليه فلا معنى للحوق وضع آخر للمركبات ولذا قد أرجع بعضهم النزاع في أنّ الهيئة التركيبة هل لها وضع أو لا وإلّا فبعد ثبوت الوضع الافرادي في الطرفين لا يبقى مجال لتوهم وضع آخر. وكيف ما كان فقد قيل بوضع في الهيئة التركيبة وقال بعضهم بالدلالة العقلية فيها وآخرون ذهبوا الى المناسبة الذاتية وقد قلنا مرارا انّ كلما يطلق الحكم الشرعي فليس معناه أن العقل يحكم بشيء اذ ليس له حكومة وولاية وانّما الوجه في ذلك هو أن الحكم الثابت الذاتي للشيء يدركه العقل والمراد بالدلالة العقلية أنّ العقل مستقل في الادراك فيرجع النزاع في أن الهيئة التركيبية هل دلالتها بالوضع أو بالمناسبة الذاتية. وقد عبر جماعة من المحققين في علم العربية عن المناسبة الذاتية بالدلالة العقلية. فالنزاع ثنائي لا ثلاثي واستدلوا عليه بأنّ العالم بوضع المفردات لو الغيت عنده الهيئة التركيبية فمع ذلك يفهم الاسناد لا محاله. فيفهم الخبر في زيد عالم والوصف من زيد العالم والاضافة من غلام زيد. وهذا ضروري. والظاهر أنّ الأمر كذلك اذ دلالة الهيئات التركيبية على مفاهيمها ذاتية لا وضعية.
وأما. ثمرة النزاع. فهي أن المركبات هل تتصف بالحقيقة والمجاز بحيث يستعمل مركب حقيقة أو مجازا؟ أو أنه لا يصح ذلك. الحق هو الثاني. اذ المجاز وإن كان هو الاستعمال في غير ما وضع له إلّا أنه لا بد من قابلية اللفظ للوضع حتى يتم ذلك والتركيب انّما مورده الاستعمال لا الوضع ومع ذلك فقد توهم بعض امكان تطرقهما فيها ومثلوا للمركب المجازي بقولهم أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى حيث استعمل تقدم الرجل وتأخرها مجازا في الترديد والحيرة مع انّ هذا المعنى لا يفهم من