أمر يطرد في الشرعيات أيضا كما تقول لي حق على رقبة فلان وكذا عتق الرقبة وتحريرها وفكها. وأما الجيد فهو مأخوذ من الجيّد في مقابل الرديء حيث أنه محل للتزيين وتقليد القلادة عليه وأما قوله سبحانه وتعالى : (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ)(١) فتعريض كما لا يخفى. وأما العنق فيمتاز بارتباطه بمورد المسد والضرب فيستعمل فيها.
والحاصل ان كل مورد توهم فيه التجوز باعتبار علاقة الجزء والكل أو غيرها من العلائق المرسلة فخطأ وذهول فلنذكر جملة منها وبيان ما هو الحق ليتّضح الأمر.
فمنها. علاقة الحال والمحل كما في (سْئَلِ الْقَرْيَةَ) أي أهلها. فذهب بعضهم الى انّه مجاز في الحذف وبعضهم الى انّه مجاز في الكلمة. ولا يكون شيء منهما في محله. أما الأول فلأنّ حذف الأهل واسناد السؤال الى القرية لا بد له من مصحح وإلّا لم يصح الحذف والاسناد ثم لا دليل على تعيين المصحح في مجاز الحذف فإنّ معنى هذا المجاز هو صحة النسبة باعتبار المحذوف ولو كان الأمر كذلك لم يكن محل للاسناد الى القرية بل لا بد من الاضافة الى القرية وتقدير المضاف فاللازم تحقيق ان المصحح هل هو التجوز في الكلمة أو شيء آخر؟ سيّما وانّه لو كان أصل الحال والمحل علاقة لزم ان يكون مطردا ومن البديهي عدم صحة قولك أسأل البساط أو أسأل الحصير.
فنقول : انه اذا اشتهر أمر في بلد بحيث ذاع وشاع فيه وصار من الواضحات هناك صح اسناده الى نفس البلد باعتبار انّه من متعلقاته بحيث يرتفع معه تعين الأشخاص ومعلوميته لدى فرد أو جماعة معينين فلا احتياج الى السؤال عنه واستطلاعه من العالمين به والمطلعين عليه بل يقال : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها)(٢). ومما يرشد الى ما أوضحناه انّه لو كان الحال والمحل علاقة للزم ان يكون الركوب أيضا من جملة العلائق ويزاد عليها علاقة الركوب لقوله سبحانه وتعالى بعد ذلك (وَالْعِيرَ الَّتِي
__________________
(١) سورة أبي لهب : آية ٥.
(٢) سورة يوسف : آية ٨٢.