بقاء الأمر المنتزع مدار منشائه كحدوث علقة الازدواج الذي يستند الى صدور (انكحت وقبلت) فلا يستند بقاء الأثر الى بقاء الانشاء لزوال الانشاء وهكذا حال ساير العقود والايقاعات وكانتزاع الطهارة عن الأفعال الثلاثة وانتزاع الحدث عن سببه. وبناء على ما ذكرنا من عينيّة الأمر المنتزع لمنشا الانتزاع صح اطلاق الطهارة على الأفعال المذكورة لعدم وجود مغايرة في الخارج بين الأمرين وكذا البيع والنكاح وغيرهما فجميع الموارد التي ينتزع فيها المسبب عن السبب لا يكون من الاستعمال في غير ما وضع له حتى يستند الى علاقة السببية والمسببية فالطهارة أطلقت على معناها الحقيقي سببا كان أم مسببا فإنّها عين الوضوء والغسل والتيمم لاتحاد الأمرين في الخارج كما في زيد قائم وعليه فلا مجال لتوهم المجاز أصلا كما انه لم يكن اطلاق أحدهما على الآخر في الصورة الأولى أصلا حتى يكون على وجه الحقيقة أو المجاز.
ثم انّه. قد تبين مما حققنا ان ما اشتهر بينهم وتسالموا عليه قديما وحديثا من ادراج مفعول في جملة المفاعيل يسمى مفعولا لأجله باطل لا أساس له. بيان ذلك. ان في قولك ضربت زيدا تأديبا لا يلحظ التركيب من حيث العليّة بين التأديب والضرب بل النظر انّما هو الى جهة الاتحاد بينهما اذ الشروط الثلاثة التي هي المنشأ بعد اجتماعها لنصب الكلمة في المقام أعني كونها مصدرا واتحاد فاعل المصدر مع فاعل الفعل والاتحاد بينهما في الوقت انّما تنظر الى الاتحاد بين السبب والمسبب لا الى الاختلاف بالعلية والمعلولية وإلّا لكان لازم ذلك صحة التركيب في كل مورد صحّ فيه ورود لام التعليل. وبعبارة أخرى. انّهم قد قسموا التميز الى ما يرفع الابهام عن النسبة وما يرفعه عن الذات فإنّ المميّز (بالفتح) قد يكون مبهما في حد نفسه ومع قطع النظر عن النسبة كالعدد فإذا أتى بالتميز وقيل : منوان عسلا وتمرا فقد ارتفع الابهام وقد يطرأ الابهام من جهة النسبة كما في طاب زيد فزيد مع قطع النظر عن الطبيب معلوم لا جهل به وانّما عرضه الابهام من جهة الطبيب وهل انّه من جهة