بأكثر من محل واحد فلا يصح أن يقال بدل (علم زيد يوم الجمعة) علم يوم الجمعة. أو تقول بدل علم زيد : علم ابنه وأما النسبة السببية فلها مراتب باعتبار السبب فإذا قتلت أحدا في الجهاد صح ان تقول قطعت رأسه وان تقول قطع سيفي رأسه وكذا في قوله سبحانه وتعالى : (يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً)(١).
ففي المثال (انبت الربيع البقل) إنّ الله جعل الربيع سبب الانبات لا مطلقا إلّا أنّ هذه السببية مما يصحح إسناد السببية الى الربيع فلا يكون مجازا بل حقيقة حتى على مبنى الموحد لكنها ليست سببية ذاتيه.
علائم الحقيقة والمجاز
قد عرفت من بياناتنا انّ الحق هو الاعتراف بالتجوز في الاسناد وانكار التجوز في الكلمة. ولكن الاسناد قد يكون الى ما هو له وأخرى الى غير ما هو له. فلا بد من وجود علامات في البين وقد انحصرت هذه العلائم في أغلب كلماتهم بأربع. التنصيص. التبادر. الاطراد. عدم صحة السلب وان ما يقابل هذه فهي علائم المجاز.
١ ـ التنصيص
وينبغي تمهيد مقدمة. وهي انّ الأصوليين عنونوا هذا المبحث بتنصيص أهل اللسان دون تنصيص الواضع وذلك لوجود الاختلاف بينهم في انّه هل للألفاظ وضع أو لا؟ فبعضهم ذهب في دلالة الألفاظ الى المناسبة الذاتية بينها وبين المعاني. وأما القائلون بالوضع فأوردوا على المناسبة الذاتية انّها لو كانت صحيحة لزم الانتقال في
__________________
(١) سورة غافر : آية ٤٠.