اللفظ الى معناه بمجرد سماعه حتى ولو لم يطلع على ذلك أهل اللسان مع انّ من الواضح عدم حصول هذا الانتقال لغير العارف باللغة. فلا مناص من ان تكون دلالة الألفاظ بوضع من الواضع فكما في وضع الاعلام كذلك بحيث لو لم يصرح الوالد بأن اسم ولده زيد لما أمكن فهم هذا والعلم باسمه فكذلك في اللغات الأصلية فبما انّها ليست بينها وبين معانيها مناسبة ذاتيه لما ذكر فلا بد وان يكون ذلك مستندا الى الوضع لعدم وجود أمر ثالث في البين. ثم هؤلاء بعد ذهابهم الى لزوم الوضع قد اختلفوا انّه من الواضع هل هو الله سبحانه وتعالى أو غير ذلك. فحيث انّه لم يتعين الواضع ولم يعلم به حتى يعلم بتنصيصه وتصريحه وعلى فرض العلم به فليس في البين من تنصيصه خبر وأثر فلهذا كله لم يمكننا إلّا أن نقول تنصيص أهل اللسان دون الواضع وحينئذ فلو نص أهل اللسان باستعمال (افعل) مثلا في الوجوب أو في الندب أو في الاباحة أو القدر الجامع ونصوا أيضا بأنها حقيقة في الأول فقط أو في الجامع أو في غير ذلك وان في سوى هذا مجاز فهل تنصيص أهل اللسان حجة أو ليست كذلك؟
الظاهر هو الثاني اذ لو كان حجة لما كان وجه للاختلاف بين أهل اللسان أنفسهم فضلا عن غيرهم حيث قال بعض بالوجوب وآخرون بالندب وثالث بالاباحة وما الى ذلك وانّ في أي منها حقيقة وفي غيرها مجاز؟ واستدلال كل منهم على ما ذهب اليه يعطى بالبداهة انّ هذه الجهات نظرية والنظريات لا تكون على غير ناظرها حجة وهذا هو الوجه في عدم حجية التنصيص. إن قلت : إنّه ليس المراد بتنصيص واحد أو اثنين بل انّ المبحوث عنه هو تنصيصهم بالاتفاق وبعبارة أخرى. انّ التنصيص المتفق عليه هو الحجة دون المختلف فيه وهذا هو جهة المقام. قلت : هذا احالة الى المجهول اذ انّى لنا باثبات موارد اجماعهم في المقام ولو فرض فما هو الوجه في حجية هذا النحو من الاجماع؟ لوضوح انّ حجيته انّما هي باعتبار قول المعصوم على اختلاف المباني وفي الأحكام الفرعية دون الموضوعات العرفية واللغوية التي