بالضرورة وإلّا لزم حصول المعنى من اللفظ بمجرد استعماله من غير احتياج الى أمر آخر. ولكنك لا يذهب عليك انّ القائل بالمناسبة الذاتية لا يريد ذلك بل معناها عنده انّ هذه المعاني والخصوصيات من خواص اللفظ ولوازمه الذاتية وإن لم يحصل العلم بها إلّا بالتجربة والممارسة. كما في الأدوية مثلا حيث لها خواص ومنافع ولكن الالتفات اليها متوقفة على التجربة والتدريب فالخاصية لم توجد بسبب التجربة والذي يحصل بها هي التفطن والالتفات الى ذلك فالقائل بالمناسبة الذاتية لا يقول بأنّه يلزم بمجرد سماع الألفاظ الانتقال الى معانيها بل يدعى انّها لها ارتباط بالمعاني ولكنها تحتاج الى إفادة علم بها من قبل العارف المطلع عليها. فلا يدعى الضرورة حتى يناقش بالضرورة.
وعلى كل حال. فإن قلنا بالوضع فلم يعلم انّ الواضع هو الله سبحانه وتعالى أو من الهم منه أو غير ذلك والحاصل ان الخصوصيات المشار اليها لم يلزم أن يكون واضعها واضعا متعارفا ساذجا حتى يقال بأنّه قد جعل ألفاظا وأسماء من دون ارتباط له بالخصوصيات والدقائق. فنحن حتى فيما اذا قلنا بالوضع فنقول بأنّه لا منافاة في ان يكون الواضع من له التوجه التام بالخصوصيات وان لم يلتفت اليها أهل اللسان وأرباب المحاورات سيّما مع اختلاف مراتب أهل اللسان فانّ بعض الكلمات قد يلحق بكلام الله سبحانه وتعالى بسبب كمال حذاقة المتكلم كما في مورد الأنبياء والائمة سيما سيد الفصحاء وامام البلغاء أمير المؤمنين سلام الله عليه وآله الطاهرين. وتارة يكون المتكلم في أدنى مدارج السفاهة والحماقة فيصدر منه كلام مثله كما في مورد أبي مسيلمة الكذاب التي حفظ التاريخ والأثر كلماته القبيحة المضحكة. وبين المرحلتين متوسطات.