الحقيقة الشرعيّة
اللفظان ان اتحدا معنى فمترادفان وان اختلفا فمتباينان انفصل أحدهما عن الآخر أو اتّصلا وكل من المترادفات والمتباينات ان اتحدت معنى فهي متحدات وإلّا فمشتركات فالاشتراك يجمع مع الترادف والتباين. ثم ان انتقل اللفظ الى معنى آخر فاللفظ منقول والأول منقول منه والثاني منقول اليه وقد يكون من باب العرف العام أو الخاص.
وقد سبق منا انّ النقل لا أصل له فإن هجر الاستعمال في المعنى الأول لا يكون سببا لبطلان الوضع واشتهاره في المعنى الثاني ليس وضعا جديدا فالتعين بحسب كثرة الاستعمال وإلّا فهو ليس وضعا إلّا مسامحة ثم ان هنا مبحثا وهو ثبوت الحقيقة الشرعية وعدمه. بمعنى انه هل اشتهار الاستعمال في المعاني الشرعية قد بلغ الى التعين في زمان الشارع أو لم يبلغ؟
أما صاحب المعالم فقد قرر النزاع فقال لا شبهة في ان الشارع استعمل ألفاظا في غير المعاني اللغوية وهذا الاستعمال مردّد بين المجازي وبين الوضع الجديد فإن كان الثاني فهو الحقيقة الشرعية وإلّا فلا والثمرة بينهما واضحة. وقال غيره غير ذلك.
والحق تبعا لبعض المحققين. ان استعمال الشارع الألفاظ المخصوصة في غير المفاهيم اللغوية محل تأمل بل منع فإنّ الشارع لم يوجد تغييرا في مفهوم المعنى اللغوي بل إنّما أوجد مصاديق لذلك المفهوم فالمفهوم اللغوي باق ولكن الشارع قد جعل مصاديق لها لم يعرفها العرب قبل ذلك وهذا كالتعظيم الذي له أفراد ومصاديق ثم يقول رئيس الجيش انّ التعظيم عندنا هو الضرب بالرجل على الأرض أو رفع البندقية أو رفع الكف بحذاء الأذن وهكذا وكذلك الحال في المقام فالشارع قد اخترع في عرفه مصاديق لذلك المفهوم اللغوي المعروف عند أهل اللسان مع ابقائه المفهوم