المبحث الثالث
في تقديم المسند أو تأخيره
يقدّم المسند : إذا وجد باعث على تقديمه كأن يكون عاملاً نحو قام علي أو ممّا له الصدارة في الكلام ، نحو : أين الطريق؟ أو إذا أريد به غرض من الأغراض الآتية :
(١) منها التّخصيص بالمسند إليه نحو : (لله مُلكُ السموات والأرض).
(٢) ومنها التنبيه من أوّل الأمر على أنه خبرٌ لا نعتٌ كقوله :
له هممٌ لا مُنتهى لكبارها |
|
وهمَّته الصغرى أجلُ من الدّهر |
له راحة لو أنَّ معشار جودها |
|
على البرِّ كان البرُّ أندى من البحر |
فلو قيل : همم له لتُوهّم ابتداءً كون له صفة لما قبله.
(٣) ومنها التشويق للمتأخر ، إذا كان في المتقدِّم ما يُشوِّق لذكره كتقديم المسند في قوله تعالى : (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب).
وكقوله :
خيرُ الصنائع في الأنام صنيعةٌ |
|
تنبو بحاملها عن الإذلال |
(٤) ومنها التفاؤل : كما تقول للمريض في عافية أنتَ. وكقوله :
سعدت بُغرَّة وجهك الأيام |
|
وتزينت بلقائك الأعوامُ |
(٥) ومنها : إفادة قصر المسند إليه على المسند ، نحو (لكم دينكم ولي دين) أي دينكم مقصورٌ عليكم ، وَديني مقصور عليَّ.
(٦) ومنها : المساءة نكايةً بالمُخاطب : كقول المتنبي :
ومن نكد الدنيا على الحُرّ أن يرى |
|
عدُوّا له ما من صداقته بُدُّ |