الباب الخامس
في الإطلاق (١) والتقييد
إذا اقتصر في الجملة على ذكر جُزأيها «المسند إليه والمسند» فالحكم (مطلقٌ) وذلك : حين لا يتعلق الغرض بتقييد الحكم بوجه من الوجوه ليذهب السامع فيه كل مذهب ممكن.
وإذا زيدَ عليهما شيء ممّا يتعلق بهما أو بأحدهما ، فالحكم (مقيد) وذلك : حيث يُراد زيادة الفائدة وتقويتها عند السامع ، لما هو معروف من أن الحكم كلما كثرت قيوده ازداد إيضاحا وتخصيصا ، فتكون فائدته أتّم وأكمل ، ولو حُذف القيد لكان الكلام كذباً أو غير مقصود نحو : قوله تعالى (وما خَلَقنَا السَّموات والأرضَ وما بينهُما لاعِبيِن). فلو حُذف الحال وهو لاعبين لكان الكلام كذباً ، بدليل المشاهدة والواقع. ونحو : قوله تعالى : (يكاد زيتها يضيء) إذ لو حذُف يكاد لفات الغرض المقصود ، وهو إفادة المقاربة.
__________________
(١) الاطلاق والتقييد : وصفان للحكم ، فالأطلاق أن يقتصر في الجملة على ذكر المسند والمسند إليه حيث لا غرض يدعو إلى حصر الحكم ، ضمن نطاق معين بوجه من الوجوه نحو : الوطن عزيز ، والتقييد أن يزاد على المسند والمسند إليه شيء يتعلق بهما ، أو بأحدهما ، مما لو أغفل لفاتت الفائدة المقصودة ، أو كان الحكم كاذباً نحو : الولد النجيب يسر أهله.