بلاغة الوصل
وبلاغة الوصل : لا تتحقق إلا بالواو العاطفة فقط دون بقية حروف العطف ، لأن الواو هي الأداة التي تخفى الحاجة اليها ، ويحتاج العطف بها إلى لُطف في الفهم ، ودِقة في الإدراك ، إذ لا تفيد إلاَّ مُجردَ الربط ، وتَشريكَ ما بعدها لما قبلها في الحكم نحو : مضى وقت الكسل وجاء زمن العمل ، وقُم واسعَ في الخير.
بخلاف العطف بغير الواو فيفيد مع التشريك معاني أخرى ، كالترتيب مع التعقيب في الفاء وكالترتيب مع التراخي في ثُمَّ وهكذا باقي حروف العطف التي إذا عطف بواحد منها ظهرت الفائدة ، ولا يقع اشتباه في استعماله.
وشرط العطف بالواو أن يكون بين الجملتين جامع كالموافقة : في نحو : يقرا ويكتبُ ، وكالمُضادّة في نحو : يضحك ويبكي وإنما كانت المضادّة في حكم المُوافقة ، لأنَّ الذّهن يتصورّ أحد الضدين عند تصور الآخر ، فالعلم يخطر على الباب عند ذكر الجهل كما تخطر الكتابة عند ذكر القراءة.
والجامع يجب أن يكون باعتبار المسند إليه والمسند جميعاً فلا يقال : خليل قادم ، والبعير ذاهب ، لعدم الجامع بين المسند اليهما كما لا يقال : سعيد عالم ، وخليل قصير ، لعدم الجامع بين المسندين وفي هذا الباب مبحثان.
المبحث الأول في إجمال مواضع الوصل
الوصلُ : عطف جملة على أخرى بالواو ، ويقع في ثلاثة مواضع (١) :
الأول : إذا إتحدت الجملتان في الخبرية والإنشائية لفظاً ومعنى أو معنى فقط (٢) ولم يكن هناك سببٌ يقتضي الفصل بينهما وكانت بينهما مناسبة تامة في المعنى.
__________________
(١) البوصل يقع وجوبا بين جملتين متناسبتين لا متحدتين ولا مختلفتين كما سيأتي تفصيل ذلك.
(٢) المعول عليه اتحادهما في المعنى لأن العبرة به ولا قيمة لاختلاف الصورة اللفظية.