والثاني : غير الجاري مجرى الأمثال ، لعدم استغنائه عمّا قبله ، ولعدم استقلاله بافادة المعنى المراد ، كقول النّابغة :
لم يُبق جُودك لي شيئاً أؤمِّلهُ |
|
تركَتني أصحب الدنيا بلا أملِ |
فالشطر الثاني : مؤكد للأول ، وليس مستقلا عنه ، فلم يجر مجرى المثل.
(٩) ومنها الاحتراس : ويقال له التكميل ، وهو أن يُؤتى في كلام يوهم خلاف المقصود ، بما يدفع ذلك الوهم. فالاحتراس : يوجد حينما ياتي المتكلم بمعنى ، يمكن أن يدخل عليه فيه لومٌ ، فيفطن لذلك : ويأتي بما يخلّصه.
سواء أوقع الاحتراس في وسط الكلام. كقول طرفة بن العبد :
فَسَقى ديارَك غير مُفسدها |
|
صوبُ الرَّبيع وَديمَةٌ تهمى (١) |
فقوله : غير مفسدها : للاحتراس.
أو وقع الاحتراس في آخره ، نحو : (ويُعمون الطعام على حبه) أي : مع حب الطعام : واشتهائهم له ، وذلك أبلغ في الكرم ، فلفظ على حبه فضلة للاحتراس ولزيادة التحسين في المعنى ، وكقول أعرابية لرجل أذلَّ الله كل عدوّ لك إلا نفسك.
(١٠) ومنها التَّتميم : وهو زيادةُ فضلة ، كمفعول ، أو حال أو تمييز ، أو جار ومجرور ، توجد في المعنى حُسنا بحيث لو حذفت صار الكلام مبتذلا كقول ابن المعتز يصف فرساً :
صَببنا عليها ظالمين سياَطنا |
|
فطارت بها أيد سراعٌ وأرجلُ |
إذ لو حذف ظالمين لكان الكلام مُبتذلا ، لا رقة فيه ولا طلاوة وتوهَّم أنها بليدة تستحق الضرب ، ويُستحسن الإطناب في الصلح بين العشائر ، والمدح ، والثناء ، والذّم والهجاء ، والوعظ ، والإرشاد ، والخطابة : في أمر من الأمور العامة ، والتهنئة ومنشورات الحكومة إلى الأمة ، وكتب الولاة إلى الملوك ، لاخبارهم بما يحدث لديهم من مَهام الأمور.
__________________
(١) لما كان دوام المطر مما يسبب الخراب ، دفع هذا الوهم بقوله (غير مفسدها).