علم البيان
(١) البيان (١) : لغة الكشف ، والإيضاح ، والظهُّور (٢).
واصطلاحاً : أصولٌ وقواعدُ ، يعرف (٣) بها إيرادُ المعنى الواحد ، بطرق يختلف بعضُها عن بعض ، في وُضوح الدّلالة العقلية على نفس ذلك المعنى.
__________________
(١) هو اسم لكل شيء كشف لك بان المعنى ، وهتك لك الحجب ، دون الضمير ، حتى يفضى السامع إلى حقيقته ، ويهجم على محصوله ، كائنا ما كان ذلك البيان ، ومن أي جنس كان ذلك الدليل لان مدار الأمر والغاية التي يجري اليها القائل والسامع ، انما هو الفهم والافهام ، فبأي شيء بلغت الافهام ، وأوضحت عن المعنى فذلك هو البيان في ذلك الموضع ، واعلم أن المعتبر في علم البيان دقة المعاني المعتبرة فيها من الاستعارات والكنايات مع وضوح الألفاظ الدالة عليه ، فالبيان هو المنطق الفصح ، المعرب عما في الضمير.
(٢) فاذا كان معنى البيان (الايضاح) كان متعديا ، وان كان بمعنى (الظهور) كان لازماً يقال : بينت الشيء : أوضحته ، وبان الشيء ظهر واتضح وكذلك تقول أبنت الشيء وأبان الشيء وكذلك بينت الشيء أظهرته ، وبين الشيء ظهر وكذلك تبينت الشيء ، وتباين الشيء ، واستبنت الشيء ، واستبان الشيء ، بمعنى واحد ، والتبيان بالكسر البيان ، والكشف ، والايضاح.
(٣) أي يعرف من حصل تلك الاصول كيف يعبر عن المعنى الواحد بعبارات بعضها أوضح من بعض. فعلم البيان : علم يستطاع بمعرفته إبراز المعنى الواحد بصور متفاوتة ، وتراكيب مختلفة في درجة الوضوح ، مع مطابقة كل منها مقتضى الحال ، المحيط بفن البيان. الضليع من كلام العرب منشورة ومنظومة ، إذا أراد التعبير عن أي معنى يدور في خلده ويجول بضميره. استطاع أن يختار من فنون القول ، وطرق الكلام ما هو أقرب لمقصده .. وأليق بغرضه ، بطريقة تبين ما في نفس المتكلم من المقاصد ، وتوصل الأثر الذي يريده به إلى نفس السامع في المقام المناسب له ، فينال الكاتب والشاعر والخطيب من نفس مخاطبيه إذا جود قوله ، وسحرهم ببديع بيانه ، ولا بد في علم البيان من اعتبار (المطابقة لمقتضى الحال) المعتبرة في علم المعاني ، فمنزلة (المعاني) من (البيان) منزلة الفصاحة من البلاغة.