المبحث الثاني
في تقسيم طرفي التشبيه : باعتبار الإفراد ، والتركيب
طرفا التشبيه المشبه والمشبه به :
(١) إمّا مفردان «مطلقان» نحو : ضوءه كالشمس ، وخده كالورد
أو مقيدان (١) نحو : الساعي بغير طائل كالرَّاقم على الماء.
أو مختلفان نحو ثغره كاللولؤ المنظوم ، ونحو : العين الزرقاء كالسّنان.
وإما مركبان تركيباً لم يُمكن إفراد أجزائهما ، بحيث يكون المركب هيئة حاصلة من شيئين ، أو من أشياء ، تلاصقت حتى اعتبرها المتكلم شيئاً واحداً ، وإذا انتُزع الوجهُ من بعضها دون بعض ، اختل قصد المتكلم من التشبيه كقوله (٢) :
كأن سهيلاً والنجوم وراءه |
|
صفوف صلاة قام فيها إمامها |
إذ لو قيل كأن سهيلاً إمام ، وكأن النجوم صفوف صلاة ، لذهبت فائدة التشبيه.
(٢) أو مركبان تركيباً : إذا أفردت أجزاؤه زال المقصود من هيئة المشبه به كما ترى في قول الشاعر الآتي : حيث شبَّه النجوم الَّلامعة في كبد السَّماء ، بدر مُنتثر على بساط أزرق.
وكأنّ أجرامَ النجوم لوامعاً |
|
دُررٌ نُثرنَ على بساط أزرق |
إذ لو قيل : كأن النجوم دُرر : وكأن السماء بساط أزرق ، كان التشبيه مقبولا ، لكنه قد زال منه المقصود بهيئة المشبه به.
__________________
(١) وتقييده بالاضافة ، أو الوصف ، أو المفعول ، أو الحال ، أو الظرف ، أو بغير ذلك.
ويشترط في القيد : أن يكون له تأثير في وجه الشبه ، ولهذا جعل قوله تعالى : (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) من باب تشبيه المفرد بالمفرد بلا قيد ، ونحو التعلم في الصغر كالنقش في الحجر.
(٢) ومنه قول الآخر :
كأن الدموع على خدها |
|
بيقية طل على جلنار |
فالمشبه مركب من الدموع والخد ، والمشبه به مركب من الطل والجلنار.