فقد شبه مطلق ترتب علة واقعية على فعل ، (١) بمطلق ترتب علة غائية على فعل(٢) ، بجامع مطلق الترتب في كل(٣) ، فسرى التشببيه من الكليين إلى الجزئيات ، ثم استعمل في جزئي المشبه(٤) (اللام) الموضوعة لجزئي المشبه به(٥) على سبيل الاستعارة التبعية ، ونحو : قوله تعالى (ولأصلبنكم في جذوع النخل (٦)) ، ونحو : قوله تعالى (أولئك على هدى من ربهم)(٧) ، ونحو : زيد في نعمة (٨).
ومن هذه الأمثلة السابقة : تتبين أنه لا يشترط أن يكون للمشبه حرف موضوع له يدل عليه.
___________________
الربط بين معنيين مستقلين بالفهم : هما السير والبصرة في قولك : سرت من البصرة ، ولذا كان جزئيا بالنسبة للابتداء الأول ، وما قيل في الابتداء يقال نظيره في الظرفية والعلة الغائية والاستعلاء ، وغيرها من المعاني التي تستفاد من الحروف نحو : في ، واللام ، وعلى فأي معنى يستفاد من الحرف في جملة ما ، يعتبر جزئيا من كليه ، غير مقصود لذاته ، بل للربط بين معنيين مستقلين ، وتعتبر الحروف حينئذ روابط بين المعاني المقصودة.
(١) العداوة والحزن علة واقعية للالتقاط.
(٢) العلة الغائية لفعل هي التي تحمل على تحصيله لتحصل بعد حصوله كتبني فرعون لموسى ، ومحبة موسى إياه ، لأن فرعون وآله إنما كفوله بعد التقاطه لذلك.
(٣) إلا أن الترتب في الغائبة (رجائي أو تقديري) وفي العداوة والحزن (واقعي).
(٤) جزئي المشبه هنا هو ترتب العداوة والحزن الخاصين المتعلقين (بموسى).
(٥) جزئي المشبه به هنا هو ترتب علة الالتقاط الخاصة : وهي تبنى موسى والمحبة ، لأنهما متقدمان على كفالته بعد الالتقاط ، ومرتبان عليه في الخارج ..
(٦) شبه مطلق ارتباط بين مستعل ومستعلى عليه ، بمطلق ارتباط بين ظرف ومظروف ، بجامع التمكن ، أو مطلق الارتباط في كل ، فسرى التشبيه من الكليين إلى الجزئيات ، فاستعير لفظ «في» من جزئيات المشبه به ، لجزئي من جزئيات المشبه استعارة تبعية.
(٧) شبه مطلق ارتباط بين مهدي وهدى ، بمطلق ارتباط بين مستعل ومستعلى عليه ، بجامع مطلق الارتباط في كل ، فسرى التشبيه من الكليين إلى الجزئيات ، فاستعير لفظ «على» من جزئيات المشبه به ، لجزئي المشبه ، استعارة تبعية.
(٨) شبه مطلق ملابسة الانسان للنعمة ، بمطلق ملابسة بين ظرف ومظروف بجامع مطلق الملابسة في كل ، فسرى التشبيه من الكليين إلى الجزئيات ، فاستعير لفظ «في» من جزئيات المشبه به ، لجزئي من جزئيات المشبه ، استعارة تبعية.