ألا إنَّ عيناً لم تجدُ يومَ واسط |
|
عليك : بحارى دمعها لجمود (١) |
وهكذا كل الكنايات التي تستعملها العرب لأَغراض ويُغَيرها المتكلمُ ، ويريد بها أغراضاً أخرى تعتبر خروجاً عن سُنن العرب في استعمالاتهم ـ ويُعدّ ذلك تعقيداً في المعنى : حيث لا يكون المراد بها واضحاً.
الخامس : كثرة التكرار (٢) : كون اللفظ الواحد : اسماً كان أو فعلاً أو حرفاً.
وسواء أكان الاسم : ظاهراً أو ضميراً ، تعدّد مرَّة بعد أخرى بغير فائدة كقوله :
إنّي وأسطارٍ سُطرنَ سَطراً |
|
لَقائلٌ يا نصرُّ نصرُ نصراَ |
وكقول المتنبي :
أقِل أنل اقطع اجمل علَّ سل أعد |
|
زد هشَّ بش تفضَّلُ أدِنِ سُرَّصل |
وكقول أبي تمَّام في المديح :
كأنَّه في اجتماع الرُّوح فيه لَهُ |
|
في كلِّ جارحةٍ من جسمِهِ رُوحُ |
السادس : تتابعُ الإضَافات كون الاسم مضافا إضافةً مُتداخلة غالباً ، كقول ابن بابك :
حمامَةَ جَرعا حَومةِ الجَندَلِ لسجَعِي |
|
فأنتِ بمراى من سُعادَ ومَسمع (٣) |
وملخص القول : إنَّ فصاحة الكلام تكون بخُلوَّه من تنافر كلماته ومن ضعف تأليفه ، وتعقيد معناه ، ومن وضع ألفاظه في غير المواضع اللائقة بها.
__________________
(١) أي لبخيلة بالدموع.
(٢) المراد بالكثرة ههنا ما فوق الوحدة فذكر الشيء ثانيا تكرار ، وذكره ثاالثاً كثرة ، وانما شرطت الكثرة لأن التكرار بلا كثرة لا يخل بالفصاحة وإلا لقبح التوكيد اللفظي.
(٣) ففيه إضافة حمامة إلى جرعا وهو تأنيث الأجرع وهو المكان ذو الحجارة السود ، أو مكان الرمل الذي لا ينبت شيئا «وجرعا» مضاف إلى «حومة» وهي معظم الشيء «وحومة» مضاف إلى «الجندل» بسكون النون وهو الحجر ، والمراد به هنا مكان الحجارة ، فهو بمعنى الجندل بفتح النون وكسر الدال وقوله «فأنت بمرأى من سعاد ومسمع ، أي أنت بحيث تراك سعاد وتسمع كلامك يقول : اسجعي يا حمامة أرض قفرة سبخة ، فان سعاد تراك وتسمعك.