أثر علم البيان في تادية المعاني
ظهر لك من دراسة علم البيان : أن معنى واحداً يستطاع أداؤه بأساليب عدة ، وطرائق مختلفة ، وأنه قد يوضع في صورة رائعة من صور التشبيه أو الاستعارة ، أو المجاز المرسل ، أو المجاز العقلي ، أو الكناية ، قد يصف الشاعر انساناً بالكرم ، فيقول :
يريد المُلوكُ مدى جعفرٍ |
|
ولا يصنعونَ كما يصنعُ |
وليس بأوسعهم في الغنى |
|
ولكنَّ معروفه أوسعُ |
وهذا كلام بيلغ جداً ، مع أنه لم يقصد فيه إلى تشبيه أو مجاز ، وقد وصف الشاعر فيه ممدوحه بالكرم ، وأن الملوك يريدون أن يبلغوا منزلته ، ولكنهم لا يشترون الحمد بالمال كما يفعل مع أنه ليس بأغنى منهم ، ولا بأكثر مالا.
وقد يعمد الشاعر : عند الوصف بالكريم إلى اسلوب آخر ، فيقول :
كالبحر يقذف للقريب جواهراً |
|
جوداً ويبعثُ للبعيد سحائبا |
فيشبه الممدوح : بالبحر ، ويدفع بخيالك إلى أن يضاهى بين الممدوح والبحر الذي يقذف الدرر للقريب ، ويرسل السحائب للبعيد أو يقول :
هو البحر من أي النواحي أتيته |
|
فلُجّتهُ المعروف والجودُ ساحله |
فيدّعى ، أنه البحر نفسه ، وينكر التشبيه نكرانا يدل على المبالغة ، وادعاء المماثلة الكاملة ، أو يقول :
علا فما يستقر المالُ في يده |
|
وكيف تمسك ماء قنةُ الجبل؟ |