التورية : لغة : مصدر ورّيت الخبر تورية : إذا سترته ، وأظهرت غيره. واصطلاحاً : هي أن يذكر المتكلم لفظاً مفرداً له معنيان ، أحدهما قريب غير مقصود ودلالة الفظ عليه ظارهة ، والآخر بعيد مقصود ، ودلالة اللفظ عليه خفية ، فيتوهم السامع : أنه يريد المعنى القريب ، وهو إنما يريد المعنى البعيد بقرينة تشير إليه ولا تظهره ، وتستره عن غير المتيقظ الفطن ، كقوله تعالى (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار) أراد بقوله جرحتم معناه البعيد ، وهو ارتكاب الذنوب ، ولأجل هذا سميت التورية «إبهاماً وتخييلاً» وكقول سراج الدين الوراق :
أصونُ أديم وجهي عن أناسٍ |
|
لقاء الموتِ عندهُم الأديبُ |
ورب الشعر عندهم بغيض |
|
ولو وافى به لهم «حبيب» |
وكقوله :
أبيات شعرك كالقصـ |
|
ـور ولا قصور بها يعوق |
ومن العجائب لفظها |
|
حُرٌ ومعناها «رقيق» |
___________________
(٤) والمهيأة : هي التي لا تقع التورية فيها إلا بلفظ قبلها أو بعدها ، فهي قسمان أيضاً.
فالأول : وهو ما تتهيأ بلفظ قبل ، نحو قوله :
وأظهرت فينا من سماتك سنة |
|
فأظهرت ذاك الفرض من ذلك الندب |
فالفرض والندب معناهما القريب الحكمان الشرعيان.
والبعيد ، الفرض ، معناه العطاء ، والندب ، معناه الرجل السريع في قضاء الحوائج ، ولولا ذكر السنة لما تهيأت التورية ولا فهم الحكمان.
والثاني : وهو ما تتهيأ بلفظ بعد : كقول الامام على رضي الله تعالى عنه في الاشعث بن قيس ، أنه كان يحرك الشمال باليمين ، فالشمال معناها القريب ضد اليمين ، والبعيد جمع شملة ، ولولا ذكر اليمين بعده لما فهم منه السامع معنى اليد الذي به التورية.