وتقع البلاغة في الاصطلاح : وصفا للكلام ، والمتكلّم فقط.
ولا توصف «الكلمة» بالبلاغة ، لقصورها عن الرسول بالمُتكلَّم إلى غرضه ، ولعدم السّماع بذلك.
بلاغة الكلام
البلاغة في الكلام : مطابقته لما يقتضيه حال الخطاب (١) ، مع فصاحة ألفاظه مفردها ومركبها.
والكلام البليغ : هو الذي يُصورَّه المتُكلِّم بصورة تناسبُ أحوال المخاطبين.
وحال الخطاب ويسمى بالمقام هو الأمر الحامل للمتكلم على أن يُوردَ عبارته على صورة مخصوصة دون أخرى.
والمُقتضَى : ويسمى الاعتبار المُناسب هو الصورة المخصوصة التي تُورَدُ عليها العبارة.
مثلاً : المدح حال يدعو لا يراد العبارة على صورة الإطناب وذكاء حال يدعو لإيرادها على صورة الإيجاز فكلٌ من المدح والذكاء «حال ومقام» وكلٌّ من الإطناب والإيجاز مُقتضَى.
__________________
(١) مقتضى الحال ، هو ما يدعو إليه الأمر الواقع ، أي ما يستلزمه مقام الكلام واحوال المخاطب من التكلم على وجه مخصوص ، ولن يطابق الحال إلا إذا كان وفق عقول المخاطبين ، واعتبار طبقاتهم في البلاغة ، وقوتهم في البيان والمنطق فللسوقة كلام لا يصلح غيره في موضعه ، والغرض الذي يبنى له ، ولسراة القوم والأمراء فن آخر لايسد مسده سواه من أجل ذلك كانت مراتب البلاغة متفاوتة ، بقدر تفاوت الاعتبارات والمقتضيات ، وبقدر رعايتها يرتفع شأن الكلام في الحسن والقبح ، ويرتقي صعداً إلى حيث تنقطع الاطماع ، وتخور القوى ، ويعجز الانس والجن أن يأتو بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ، وتلك مرتبة الأعجاز التي تخرس عندها ألسن الفصحاء لو تاقت إلى العبارة : وقد عرف بالخبر المتواتر أن القرآن الكريم نزل في أرقى العصور فصاحة ، وأجملها بلاغة ولكنه سد السبل أمام العرب عند ما صاح عليهم صيحة الحق ، فوجفت قلوبهم ، وخرست شقاشقهم ، مع طول التحدي وشد النكير (وحقت للكتاب العزيز الكلمة العليا).