أسباب ونتائج
يحسُن أيضاً بطالب البلاغة أن يعرف شيئاً عن الأسلوب الذي هو المعنى المَصُوغُ في الفاظ مؤلَّفة على صورة تكون أقربَ لنيل الغرض المقصود من الكلام ، وأفعلَ في نفوس سامعيه.
وأنواع الأساليب ثلاثة :
(١) وأنواع الأساليب العلمي :
وهو أهدَأُ الأساليب ، وأكثرها احتياجاً إلى المنطق السَّليم ، والفكر المُستقيم ، وأبعدُها على الخيال الشَّعري ، لأنه يخاطب العقل ، ويُناجي الفكر ، ويَشرَحُ الحقائق العلمية التي ، لا تخلو من غموض وخفاء ، وأظهَرُ ميزات هذا الأسلوب «الوُضُوح» ، ولا بدَّ أن يبدوَ فيه أثر القوة والجمال ، وقوَّته في سطوع بيانه ، ورصانةِ حُججه؛ وجَماَله في سُهُولةِ عباراتهن وسلامة الذّوق في اختيار كلماته ، وحسن تقريره المعنى في الأفهام ، من أقرب وجوه الكلام.
فيجب أن يُعنَى فيه باختيار الألفاظ الواضحة الصريحة في معناها الخالية من الاشتراك ، وأن تُؤَلَّف هذه الألفاظ في سُهولة وجلاء ، حتى تكون ثَوباً شفَّافاً للمعنى المقصود ، وحتى لا تصبح مَثاراً للظّنون ، ومجالا للتوجيه والتأويل.
ويحسًن التَّنحي عن المجاز ، ومُحَسنِّنات البديع في هذا الأسلوب ، إلاّ ما يجيء من ذلك عفواً ، من غير أن يمس أصلا من أصوله ، أو ميزة من ميزاته.
أمّا التَّشبيه الذي يُقصد به تقريب الحقائق إلى الأفهام ، وتوضيحها بذكر مماثلها ، فهو في هذا الاسلوب حسن مقبول.
(٢) الأسلوب الأدبي :
والجمال أبرزُ صفاته ، وأظهر مُمَيزاته ، ومنشَأ جماله ، لما فيه من خيال رائع ، وتصوير دقيق ، وتلَمُّس لوجوه الشّبه البعيدة بين الاشياء ، وإلباس المعنوي ثوبَ المحسوس ، وإظهار المحسوس في صورة المعنويِّ.