الباب الأول
في تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء
المبحث الأول في حقيقة الخبر
ألخبرُ : كلامٌ يحتملُ الصدق والكذب لذاته (١).
وإن شئت فقل «الخبرُ هو ما يتحقّق مدلولهُ في الخارج بدون النطق به» نحو : العلم نافعٌ ، فقد أثبتنا صفة النَّفع للعلم ، وتلك الصَّفة ثابتة له (سواء تلفظت بالجملة السابقة أم لم تتلفّظ) لأن نفع العلم أمرٌ حاصل في الحقيقة والواقع ، وإنما أنت تحكى ما اتَّفق عليه الناس قاطبة ، وقضت به الشرائع ، وهدت إليه العقولُ ، بدون نظر إلى إثبات جديد.
والمراد : بصدق الخبر مُطابقته للواقع ونفس الأمر والمراد بكذبه عدم مطابقته له.
فجملة : العلم نافع ، ان كانت نسبتُه الكلاميَّة وهي ثبوت النفع المفهومة من تلك الجملة مطابقةً للنسبة الخارجيّة ، أي موافقة لما في الخارج والواقع «فصدقٌ» وإلا «فكذب»
__________________
(١) أي بقطع النظر عن خصوص المخبر ، أو خصوص الخبر وإنما ينظر في احتمال الصدق والكذب إلى الكلام نفسه لا إلى قائل : وذلك لتدخل الاخبار الواجبة الصدق كأخبار الله تعالى ، وأخبار رسله ، والبديهيات المألوفة ، نحو السماء فوقنا والنظريات المتعين صدقها ، لا تحتمل شكا كاثبات العلم والقدرة للمولى سبحانه وتعالى ، ولتدخل الأخبار لواجبة الكذب كأخبار المنبئين في دعوى النبوة.