المبحث الثالث
في تقسيم الخبر إلى جملة فعلية وجملة اسمية
١ ـ الجملة الفعلية : ما تركبت من فعل وفاعل أو من فعل ونائب فاعل : وهي : موضوعة لأفادة التّجدد والحدوث في زمن معين مع الاختصار (١) نحو : يعيش البخيل عيشة الفقراء ، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء. ونحو : أشرقت الشمس وقد ولَّى الظلامُ هارباً فلا يستفاد من ذلك إلا ثبوتُ الاشراق للشمس ، وذهاب الظلام في الزمان الماضي. وقد تفيد الجملة الفعلية الاستمرار التجدّدي شيئاً فشيئاً بحسب المقام ، وبمعونة القرائن ، لا بحسب الوضع (٢) بشرط أن يكونَ الفعلُ مضارعاً ، نحو قول المُتنبي :
تُدبر شرقَ الأرض والغرب كفه |
|
وليسَ لها يوما عن المجد شاغلُ |
فقرينة المدح تدلّ على أن تدبير الممالك ديدنُه ، وشأنه المستمر الذي لا يحيد عنه ، ويتجدّد آناً فآناً.
ب ـ والجملة الاسمية : هي ما تركبت من مبتدأ وخبر ، وهي تفيد بأصل وضعها ثبوت شيء لشيء (٣) ليس غيرُ ، بدون نظر إلى تجدّد ولا استمرار ، نحو الأرض متحركة ، فلا
__________________
(١) وذلك أن الفعل دال بصيغته على أحد الأزمنة الثلاثة بدون احتياج لقرينة بخلاف الاسم : فانه يدل على الزمن بقرينة ذكر لفظة : الآن أو أمس أو غداً ولما كان الزمان الذي هو أحد مدلولي الفعل غير قار بالذات ، أي لا تجمع أجزاؤه في الوجود كان الفعل مع افادته التقييد بأحد الأزمنة الثلاثة مفيداً للتجدد أيضاً.
(٢) وذلك نظير الاستمرار الثبوتي في الجملة الأسمية نحو (لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم) أي لو استمر على إطاعتكم وقتا فوقتاً لحصل لكم عنت ومشقة.
(٣) فالجملة الاسمية موضوعة لمجرد ثبوت المسند للمسند إليه. قال الشيخ عبد القاهر : موضوع الاسم على أن يثبت به الشيء للشيء من غير اقتضاء أنه يتحدد يحدث شيئاً فشيئاً : فلا تعرض في نحو : زيد مطلق ، لأكثر من إثبات الانطلاق له فعلاً ، كما في زيد طويل وعمر وقصير ، أي أن ثبوت الطول والقصر هو بأسل الوضع ، وأما استفادة الدوام فمن الملازمة في هذين الوصفين حينئذٍ فالتمثيل للنفي.